ألماء الاستحمام أثر على الشعر والبشرة؟
ناتورال - كثيرًا ما نلقي باللّوم على مياه الاستحمام عندما يتعلق الأمر بصحة شعرنا ونعومته، فيلاحظ بعضنا تغيّراً فعليّاً في ملمس ورطوبة الشعر عند الاستحمام، خاصة أثناء السفر مثلاً. والتنقل لمناطق ودول مختلفة. فهل هنالك رابط فعلي بين صحة الشعر وماء الاستحمام؟ وهل يقتصر أثر ماء الاستحمام على البشرة والشعر أم أنّ له آثاراً صحيّة أخرى؟
معالجة ماء الاستحمام
يصنّف ماء الاستحمام على أنّه من فئة المياه الرماديّة Grey waterوالتي تضم مصادر المياه المراد معالجتها غير الناجمة عن استخدام مياه المراحيض، فتعرف الأخيرة بالمياه السوداء Black water . تخضع مصادر المياه الملوثّة بأشكالها لعمليات تنقية تسمح بإعادة استخدام المياه سواءً للشرب أو لغيره من الاستخدامات التي لا تتضمن ابتلاعه. فيشمل مصطلح معالجة المياه عمليات فيزيائيّة وكيميائيّة وحيويّة تنتهي بإعادة تدوير الماء لاستخدامه مجددًا.

تختلف مراحل تنقية المياه تبعًا لمصدرها وشدّة تلوثّها إلّا أنّ جميعها تضمن مرور الماء الملوّث بالخطوات اللازمة لضمان سلامته، فتبدأ عملية معالجة المياه بمرحلة التخثّر والتلبّد والتي تشير إلى عملية فصل المواد الملوثة سالبة الشحنة عن الماء باستخدام مواد كيميائية موجبة الشحنة، مما ينتهي بتشكّل التفل Floc، ككتلة كبيرة مترسبة في قاع الخزّان. بعد ذلك تُضخ المياه عبر مرشّحات متنوّعة في حجم المسامات، وذلك للتخلّص من المواد الفيزيائية الملوثّة مثل الرمل والحصى والفيروسات والطفيليات والبكتيريا. تُعد مرحلة التطهير المرحلة الأخيرة التي تُضاف بها مادة الكلور أو أحادي الكلورامين للماء لقتل ما تبقى من الكائنات الحية الدقيقة.
أثر الكلور على صحة الإنسان
تعدّ مادة الكلور من أفضل المواد المطهّرة للميكروبات، فلها أثر فتّاك على خلايا الكائنات الحيّة، مما يجعلها الخيار الأفضل لتنقية المياه، كما ذكرنا مسبقًا فإنّ عملية تنقية المياه تنتهي باستخدام الكلور بنسب آمنة وموافق عليها دوليّاً، إذ يجب أن لا تتجاوز نسبة الكلور في الماء عن 4 ملليجرام لكل ليتر. وبهذا تكون المياه آمنة للابتلاع عبر الفم، ولكن ما الآثار المترتبة على بقاء بقايا الكلور على سطح الجلد والشعر؟ وماذا عن الكلور المتبخّر أثناء الاستحمام؟

مشاكل جلدية
تُساهم مياه الاستحمام المعقمة بالكلور بزيادة الأمراض الجلديّة مثل التهاب الجلد التأتبي وحب الشباب والصدفية نظرًا لقدرة الكلور على امتصاص الرطوبة، مما ينعكس على البشرة بجفافها وتشققها وفقدانها للطبقة الواقية للجلد يجعلها أكثر عرضة للعدوى والالتهابات. كما أنّ فقدان الرطوبة في البشرة سيتسبب بتهيجها واحمرارها بنسب مختلفة تبعًا لمدى حساسية البشرة.
مشاكل الشعر
للكلور القدرة على امتصاص الزيوت الطبيعية التي تغذّي الشعر والبشرة، مما يعني أنّ بواقي الكلور الحرّ التي يتركها ماء الاستحمام ستتسبب بفقدانهما لمستوى الترطيب الطبيعي، إذ يحتاج الشعر للزيوت الطبيعية ليحافظ على نعومته وصحته وانسيابه وفي حال فقدانه لهذه الزيوت سيعاني من الجفاف والتقصّف والنّفشة. كما أنّ للكلور القدرة على تغيير لون الشعر الطبيعي نتيجة لتفاعل كيميائي داخل الشعرة نفسها، ولهذا قد يلحظ البعض تغيّر لون شعرهم ليصبح مائلاً للون الأخضر بعد قضاء فترة طويلة في حوض السباحة.

مشاكل صحيّة عند الحوامل
أثبتت بعض الدراسات أنّ المنتجات الثانوية للكلور قد تؤثر على نمو الجنين، إذ توصلت دراسة أجراها فريق بحثي في روسيا إلى أنّ النساء اللاتي شربن أو استحممن بماء مليء بالكلور والكلورامين أدى إلى مضاعفات مختلفة أثناء الحمل، بما في ذلك الإجهاض، والإملاص، وانخفاض وزن المولود، والولادة المبكرة، كما عانى المواليد من أطياف مختلفة من العيوب الخلقية التي تتراوح بين تلف الأعصاب وضعف عضلة القلب.

لا يمكن التوصّل لقرار ثابت فيما يخصّ الماء المكلور وصحة المرأة الحامل نظرا لقلة الأبحاث بهذا الشأن، إلّا أنّه من الأفضل تجنّب هذا الخطر المحتمل.
مشاكل صحيّة عند الأطفال
أمّا الأطفال، فقد يكون للاستحمام بالماء الساخن أو الاستحمام بمياه البلديّة غير المفلترة آثاراً خطيرة على نموّهم الطبيعي. إذ أُجريت دراسة في بلجيكا لمعرفة ما إذا كان هناك أي ارتباط بين أطفال المدارس الذين يقضون وقتهم في استنشاق الهواء في حمام السباحة الداخلي، وزيادة نفاذية الرئة والإصابة بمرض الربو. فأظهرت النتائج أنّ الأطفال الذين يلعبون بشكل متكرر في المسبح أكثر عرضة للإصابة بالربو مقارنة بالأطفال الآخرين، وفي بعض الحالات كانت الأعراض شديدة.بالإضافة لتضرر الأنسجة الظهارية؛ وهي الأنسجة التي تشكل الطبقة الخارجية من الجلد وتبطن النسيج الداخلي للرئتين. كما أظهرت هذه الدراسة أنّ استنشاق أبخرة الكلور الناجمة عن الاستحمام بماء ساخن لمدة تزيد عن عشرة دقائق سيحدث ضرراً مماثلاً.

التخلّص من الكلور في الماء
تعدّ مادة الكلور من المواد الغازيّة في درجة حرارة الغرفة، وبالتالي فإنّ التخلّص منها يمكن القيام به ببساطة بإبقاء الماء المكلور في الهواء الطلق في إناء يسمح لغاز الكلور بالتبخّر، كما أنّ تسخين الماء سيسرّع من هذه العمليّة. إلّا أنّ هذه الطريقة غير عملية للتخلّص من الكلور في الكميات الكبيرة من الماء. ولهذا قامت الشركات بتطوير الفلاتر المنقيّة من مادة الكلور التي يُمكن استخدامها بوضعها مباشرة على أنابيب المياه. كما أنّ بعض الشركات الكورية تقوم بإضافة مضادات الأكسدة القوية مثل فيتامين سي إلى فلاتر الاستحمام للحصول على تنقية مضاعفة لمادة الكلور.