الذكاء الاصطناعي والأخبار الكاذبة: أيّهما يقود إلى الآخر؟

الذكاء الاصطناعي والأخبار الكاذبة يعدّ موضوع السّاعة، فمستخدمو مواقع التّواصل الاجتماعي يستقبلون عدداً هائلاً من الأخبار كلّ يوم. وعلى الرّغم من أنّ أدوات الذّكاء الاصطناعي قد تكون سبباً لانتشار أخبار كاذبة في الفضاء الإلكتروني بالنّظر إلى اعتمادها على الرّوبوتات التي تفتقر إلى القدرات البشريّة في المراجعة والتّدقيق، إلّا أنّها في الوقت نفسه قد تكون أداة هامّة لفلترة الأخبار الكاذبة في الإعلام والأخبار الكاذبة على الإنترنت. إذاً، فإنّه سيف ذو حدّين أو هو جدل مثار على غرار الجدل الأزليّ من قاد إلى ماذا البيضة أم الدّجاجة، ففي إطار الإمكانات الهائلة المتضمّنة فيه قد يكون الذكاء الاصطناعي في مواجهة الأخبار الكاذبة وتدقيقها سلاحاً هامّاً فيما تفرض صحافة الذكاء الاصطناعي نفسها على المشهد.

 

الذكاء الاصطناعي والأخبار الكاذبة: الوقوع في فخّ السّرعة والشّعبية

الذكاء الاصطناعي والاخبار الكاذبه

شكّل إعلان منصّة X، تويتر سابقاً، المتعلّق بفلترة ما يزيد على 174 ألف تغريدة بسبب احتوائها على أخبار كاذبة عام 2020 ناقوساً للخطر حول دور وسائل التّواصل الاجتماعي في نشر الأخبار الكاذبة على الإنترنت لأغراض الانتشار والدّعاية. وفي ظلّ لجوء الجهات المختلفة، مثل السّياسيين والوسائل الإعلامية والأحزاب وغيرها، لاستخدام الرّوبوتات والتّطبيقات الحديثة مثل تشات جي بي تي للّحاق بالوتيرة المتسارعة لانتشار الأخبار والوصول إلى النّاس، تزايدت المخاوف من انتشار الأخبار الكاذبة في الإعلام. ومع تفضيل المستخدمين لمحتوى مثير للجدل دون التحقّق من صحته بهدف تحقيق الانتشار؛ تأثّرت خوارزميّات المنصّات المختلفة مما بات يشكل تحدّياً حيث تتمّ التّضحية بالدقّة في مقابل الانتشار واستقطاب الاهتمام. وباتت صحافة الذكاء الاصطناعي حاضرة بقوّة في ظلّ إسهاماتها الكبيرة،  مثل كتابة 3700 قصّة إخبارية عن الأرباح ربع السّنوية عام 2015 في وكالة أسوشيتد برس؛ أيّ ما يعادل 12 ضعف مجموع ما كتبه مراسلو الاقتصاد في الوكالة، الأمر الذي أسهم في منح المحرّرين المزيد من الوقت لكتابة قصص أكثر عمقاً حول اتّجاهات عالم الأعمال.

وعلى الرّغم من ذلك، تتمحور المخاوف بصورة رئيسيّة حول كون هذه النّتائج والأخبار المنشورة غير مبنيّة على تقنيات التحقّق النّموذجي من صحّة الأخبار ودقّتها. عاملا السّرعة والانتشار قد يجعلا المستخدمين يستقبلون الأخبار دون تجميع الحقائق من مختلف الزّوايا ومعرفة السّياقات التّاريخية والثّقافية وغيرها والتي تجعل من الأخبار أكثر دقّة. من جهة أخرى فإنّ تداخل البروباغندا والأخبار الكاذبة شكّل عاملاً إضافيّاً في زيادة المخاوف المتعلّقة بالذكاء الاصطناعي والأخبار الكاذبة خصوصاً أنّ البروباغندا تستخدمها الجهات المختلفة من خلال التّركيز على المشاعر.

وفي إطار الإمكانيّات التي توفّرها تقنيات الذّكاء الاصطناعي فإنّ العناصر المؤلّفة للبروباغندا والمتمثّلة في المفاجأة والتّكرار والإيقاع القوي، يبدو أنّ التّداخل بين الأخبار الكاذبة والبروباغندا يشكّل عاملاً إضافيّاً لإثارة القلق والمخاوف. في المقابل قد تشكّل أدوات الذكاء الاصطناعي وسيلة لمواجهة الأخبار الكاذبة  وتعزيز إنتاجية الصّحفيين وتوجيه جهودهم لإنتاج قصص صحفية أكثر عمقاً.

الذكاء الاصطناعي في مواجهة الأخبار الكاذبة: أولويّة عالميّة

 

على الجانب الآخر ممّا قد تقوم به أدوات الذّكاء الاصطناعي في إنتاج أخبار غير موثوقة، يمكن أن يعمل الحدّ الآخر من سيف التّكنولوجيا على التحقّق من صحّة الأخبار. في هذا المجال، عملت جامعة كامبريدج على تطوير اختبار معتمد لقابلية تصديق المعلومات المضلّلة والذي يستغرق دقيقتين  فقط لتحديد إمكانيّة التعرّض للخداع من خلال الأخبار الكاذبة وشملت التّجارب أكثر من 8000 مشارك وأجريت على مدار عامين وأثبت الاختبار فعاليّته، ومؤخّراً تمّ تطبيق الاختبار على 1516 أمريكي للتعرّف على مدى قابليّة تصديقهم للأخبار الكاذبة. يهدف الاختبار إلى قياس قدرة الأفراد على التّمييز بين عناوين الأخبار الحقيقية والمزيفة، ويتألّف من 20 عبارة يُطلب من المشاركين اختيار “صواب” أو “خطأ” لكلّ منها.

وكشفت الدّراسة عن نتائج مثيرة للاهتمام حول حساسية الأميركيين للمعلومات المضللة، إذ استطاع البالغون في الولايات المتحدّة تحديد 65% من عناوين الأخبار بشكل صحيح . على الجانب الآخر، أشارت البيانات إلى أنّ الأميركيين من جيل التّسعينيات وجيل الألفية لم يتمكّنوا من تمييز الأخبار الكاذبة على غرار نظرائهم من المشاركين في الدّراسة. تتحدّى هذه النّتائج التصوّرات العامة السائدة حول انتشار المعلومات المضلّلة عبر الإنترنت، فعلى عكس الاعتقاد الرائج بأن الأفراد الأكبر سنّاً والذين لا يمتلكون ثقافة رقميّة كافية هم أقلّ عرضة للأخبار المزيّفة، إلّا أنّه تبيّن أنّهم الأكثر عرضة للأخبار الزّائفة. وتنبع أهمّية هذا الاختبار لكونه وسيلة موحدّة لقياس قابليّة التعرّض للأخبار المضلّلة لمكافحتها وتعزيز التّفكير النّقدي لدى عامة النّاس.

واستخدم الباحثون تقنيات الذّكاء الاصطناعي، مثل الإصدار الثّاني من تطبيق تشات جي بي تي، لتطوير هذا الاختبار عبر توليد الآلاف من العناوين الكاذبة في غضون وقت قليل حيث أظهرت العناوين الرّئيسية التي تمّ إنشاؤها بالذكاء الاصطناعي تحدّياً كبيراً لدى الباحثين في تمييزها عن الأخبار الحقيقية. ستسهم مثل هذه الخطوات في توجيه الجهود بصورة عالميّة لتطوير استراتيجيّات هادفة لمكافحة انتشار المعلومات بشكل مضلّل.

 

تعرّف على الحلول التقنية الذكية التي تقدمها شركة أمنية من خلال متجرها الإلكتروني!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *