في يوم المرأة العالمي

هي تقود.. هي تقاوم

في يوم المرأة العالمي، اليوم الذي تكرّم عن باقي الأيّام بأن يكون مخصصّاً للاحتفال بها، بإنجازاتها، قوّتها وقدرتها على تجريد كلمة مستحيل من الصّفة الفطرية، لتقول أنا هنا، لأغيّر وأتقدّم، لأبني معه يداً بيد، أو أكون أنا البناء، هي المرأة، هي نصف المجتمع، وفي كثير من الأحيان، هي المجتمع كلّه!

هنا، سنتكلّم عن مفهوم خاص ليوم المرأة العالمي، مفهوم فرضته النّساء في هذه البقعة من العالم، وتحديداً في الأردنّ وفلسطين، وكان له هذا العام خصوصية عن باقي الأعوام. نبدأ به من الأردن، بصبغةٍ خاصّة وملكيّة!

يوم المرأة العالمي بصبغة ملكيّة

يوم المرأه

لطالما كان التقدير نهجاً ملكيّاً لقيادة حكيمة، عرفت معنى الإنجاز وكيفية تكريمه والاحتفاء به، ومهما كانت الكلمات ذات قدرة على الوصف، لربّما تقف عاجزة أحياناً أمام موقف زوجٍ وملك، يكرّم زوجةً وملكة. هنا في الأردنّ هو أمر ليس مستغرباً، عندما أنعم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين على جلالة الملكة رانيا العبدالله بــ”وسام النّهضة المرصّع“، “تقديراً لعطائها المتميّز ودورها الرّيادي في النّهوض بالمجتمع الأردني وحرصها على خدمة أبناء وبنات الوطن”. ليكون محور الاحتفال “ملكة”، وتكريمها على يد “ملك”، برمزية لتكريم المرأة في الأردنّ عموماً.

وهنا، نود أن نذكّر بخطاب جلالة الملكة رانيا العبدالله قبل أيام من يوم المرأة العالمي، عندما وقفت أمام العالم بشجاعة وحكمة، وخاطبته بكلمات لاقت صدىً واسعاً حول العالم عن القضية الفلسطينية ومعاناة أهلنا في القطاع. ويمكنكم قراءة تغطيتنا للخطاب الملكي من هنا.

يوم المرأة العالمي.. عنوانه التضحية

ونتكلّم هنا عن بقعة صغيرة من العالم، لا تتعدّى حجم مدينة صغيرة، سطّرت فيها النساء “ملاحم تاريخية” بصمودهنّ وتضحياتهن، وضربن مثالاً لقدرتهنّ على التحمّل والصّمود، حتى غدين مثالاً يتفاخر به القاصي والدّاني، ومن كافّة أنحاء العالم، “هنا غزّة“.

في يومهن العالمي.. 30% شهيدات

في العدوان الغاشم الذي يشنه الكيان الصهيوني على قطاع غزّة، وحتى لحظة كتابة هذا المقال، شكّل مجموع النّساء من شهداء العدوان 30% على الأقل، ولم يكن لدورهنّ في الصّمود أيّ وصف أقل من أنّه “ملحمي”، كيف لا، ونحن نرى في كلّ يوم مثالاً جديداً على التحدّي والعنفوان، وعدم التّسليم للعدو على الرّغم من كل هذا الكمّ من الحقد الذي يترجمه على شكل “قتل وتهجير وتجويع”.

قصص وتضحيات من وحي الخيال!

كلّنا شاهدنا دور المرأة الغزّاوية في هذه الحرب المستمرة؛ ورأينا كيف لها أن تكون بألف رجل، أو حتّى بأمّة كاملة، قصص لا تنتهي، وأمثلة سيكتبها التاريخ بحروف من ذهب!

نتذكّر هنا، الطبيبة البطلة “أميرة العسولي”، التي لم تتردد في الركض تحت وابل من الرصاص، لتصل إلى أحد الجرحى، وتحمله كتفاً بكتف مع الرجال، وتعود به إلى حيث تستطيع تقديم الإسعافات الأولية له، وتنجح في إنقاذ حياته!

ومنذ بداية الحرب، كانت الصحفية الشابة “بلستيا العقاد” في الميدان، وتتعرض في كلّ يوم لتهديد جديد، مستمرّة في نقل الصورة مباشرة من أكثر الأماكن سخونة على وجه الأرض! لتذكرنا شجاعتها بالصحفية الراحلة “شيرين أبو عاقلة” التي دفعت حياتها ثمناً “للحقيقة”.

وهل لنا أن ننسى “إسراء جعابيص”، والتي تقاوم اليوم بجسد محروق بنسبة 50%، تسبب لها بذلك الاحتلال، وقضت فترة طويلة في سجونه على هذا الحال، حتى خرجت بكل قوّة، لنشهد معاً قصتها التي تضاف إلى سلسلة لا متناهية من هذه “الأساطير الحيّة”!

كيف لنا حقاً أن نمر على يوم المرأة العالمي، دون أن نقف إجلالاً لكلّ أم وأخت وزوجة، لكل طبيبة وصحفية ومعلّمة، لكل امرأة على أرض غزة دفعت أثماناً لا يقوى أحد على دفعها، في سبيل الوقوف أمام هذا الكيان الذي لا يعرف حرمة لامرأة ولا طفل ولا حتى كبير سن!

وفي آخر الإحصائيات، وفقاً لوكالة الأنباء الأردنيّة “بترا“، بلغ عدد ضحايا العدوان من النساء نحو 9 آلاف، وأكثر من 1800 في عداد المفقودين، و5 آلاف أرملة، وأكثر من 260 في سجون الاحتلال. لسن مجرّد أرقام، ولكلّ واحدة منهنّ قصة وحياة، أحلام وطموح، عائلات وأصدقاء وزملاء، لن ننساهنّ في يوم المرأة العالمي، ولا في أيّ يومٍ آخر!

ختاماً؛ نتوجّه إلى كل امرأة قوية في هذا العالم بالتحية والتقدير، ونخصّ من علّمننا في هذا اليوم درساً في القوّة، لم نكن ندرك حجمه حتى رأيناه بأم أعيننا. إلى المقاومات في غزّة، الّلاتي تخرجن من تحت الأنقاض رافعات شارات النّصر، ليقف الرّكام حائراً من هذا القدر من الصّبر والقوّة؛ نقف اليوم وكلّ يومٍ احتراماً وتقديراً، واعترافاً أيضاً بأنّها المرأة، هي تقود، هي تقاوم!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *