ريشة دافنشي ترسم يوم عالميّ للفنّ منذ أكثر من نصف قرن
اليوم العالميّ للفنّ الّذي يحتفي به العالم كلّ عام في 15 نيسان/أبريل وهو يوم ميلاد الفنّان العالميّ ليوناردو دافنشي مبدع التّحفة الأشهر موناليزا والّتي بدأ بوضع لمساته الأولى لإنتاجها عام 1503، يعتبر ترسيخاً لمكانة دافنشي كواحد من أهمّ صنّاع الفنّ في العالم ليستحقّ أن يكون بعد أكثر من نصف قرن رمزاً لهذه المناسبة.
ولأنّ الفنّ يعدّ لغة مشتركة بين الشّعوب، فقد اعتمدت اليونسكو في دورتها الأربعين للمؤتمر العامّ لليونسكو عام 2019 هذا اليوم كمناسبة عالميّة يمثّلها دافنشي بوصفه رمزاً للسّلام العالميّ بالإضافة إلى تنوّع مواهبه الفنّية حيث إنّه رسّام ونحّات وكاتب ومفكّر.
ولكن، كف كيف أسهمت جهود دافنشي منذ أكثر من نصف قرن في تأسيس يوم عالميّ للفنّ تحتفي فيه الشّعوب بتراثها الفنّي وتستذكر تاريخها؟
اليوم العالمي للفن
منذ عام 2020، يحتفي العالم بالفنون بالنّظر إلى الدّور الفاعل للفنّانين عبر المساهمة في التّنمية المستدامة فضلاً عن كونها تشكّل مكونّاً هامّاً من مكونّات الهوّية الجمعيّة. كما يشكّل هذا اليوم فرصة كي يساهم الأفراد جميعهم في بناء الهوّية الثّقافية لمجتمعاتهم من خلال المشاركة في الحركة الفنّية، والحفاظ على الإرث الفنّي.
تسعى اليونسكو من خلال هذا اليوم إلى توطيد الصّلة بين الفنون والمجتمع من خلال تنظيم المؤتمرات وحلقات العمل والفعّاليات الثّقافية والعروض التّقديمية والمعارض وغيرها.
وتضمّ اليونسكو أكبر مجموعة فنّية في منظومة الأمم المتحدة، حيث تتألّف من أكثر من 700 عمل قديم وحديث من التنوّع الفنّي من جميع أنحاء العالم.
مسؤوليّتنا تجاه الفنّ
يمكن للأفراد الإسهام في الحركة الفنّية من خلال معرفة التّاريخ الفنّي لبلدهم والمشاركة في المعارض الفنّية المختلفة بالإضافة إلى القراءة حول الفنّ.
في الأردنّ، توجد العديد من الجهات الّتي تعقد معارض فنّية بصورة مستمرّة مثل دارة الفنون كما يمكن زيارة المتاحف الّتي تضمّ أعمالاً فنّية مختلفة.
أمّا الشّركات، فيمكنها أن تساهم في دعم الفنّانين واحتضانهم وتعزيز الفنون باعتبارها مكونّاً هامّاً من مكوّنات التّنمية المستدامة والّتي تندرج بدورها ضمن المسؤوليّة الاجتماعيّة للشّركات.
ولمحبّي القراءة عن الفنون بصورة عامّة يمكنكم إيجاد عدد من الكتب الممّيزة على رفوف مكتبة نون الرّقمية.
نظرة على هويّتنا الفنّية الأردنيّة
يعود تاريخ الفنّ التّشكيلي في الأردنّ إلى الخمسينات من القرن الماضي عندما بدأت ملامح الحركة التّشكيلية بالظّهور كما نعرفها الآن.
فقد تأسّست ندوة الفنّ الأردنية الّتي مثّلت أول تجمّع للفنّانين في الأردن وهدفت إلى تشجيع العمل الفنّي الجماعي عام 1952. كما شهد هذا العام أيضاّ تأسيس معهد الموسيقى والرّسم في عمّان والّذي أسّسه الدّكتور حنّا الكيالي، ومع عودة الموفدين في السّتينات بدأوا بتدريس الرّسم في المدارس الثّانوية كما تضاعف النّشاط الفنّي من معارض وغيرها.
وتمّ تأسيس دائرة الثقافة والفنون التّابعة لوزارة الثّقافة عام 1966، بهدف تأهيل وتدريب هواة الفنّ ومحبّيه مجانًّا منذ عام 1972 وحتى اليوم، وقد تخرّج من هذا المركز عدد من أهمّ الفنّانين الأردنيين.
ويعدّ عام 1972 على قدر كبير من الأهميّة للحركة الفنّية الأردنّية، ففي هذا العام، أسّست دائرة الثّقافة والفنون معهد الفنون والموسيقى ليكون بمثابة نواة لأكاديميّة فنّية مدّة الدّراسة فيها عامان.
وتوالت الجهود الهادفة لإضفاء الطّابع الأكاديميّ على الفنون ليتمّ عام 1980 إنشاء قسم للفنون الجميلة في جامعة اليرموك، وكان أوّل قسم في الأردنّ للتعليم العالي، يتمّ فيه تدريس أربعة فنون هي الفنون التّشكيلية (تصوير ورسم، نحت، خزف، وتصوير فوتوغرافي)، والفنون التّطبيقية (تصميم داخلي، تصميم صناعي، تصميم جرافيكس)، والفنون المسرحية (تمثيل، تصميم مسرحي، إخراج)، والموسيقا (دراسات نظرية وتطبيقية للموسيقا).
وفي عام 2001، تحوّل هذا القسم إلى كلّية للفنون الجميلة تضمّ أربعة أقسام أكاديمية، تمنح درجة البكالوريوس في تخصّصات الفنون المختلفة.
ويتطوّر مشهد الفنّ الأردنيّ المعاصر بصورة مستمرّة بفضل الاطّلاع على نماذج وتجارب جديدة واستعداد البيئة المحلّية للتّطوير والتّغيير.
فقد ظهر كلّ من فنّ "الغرافيتي" كجزء من مشهد الفنّ التّشكيلي الأردنّي، والّذي وظّف الشّارع العامّ لتسليط الضّوء على قضايا مختلفة، بالإضافة إلى فنّ الموزاييك والّذي أسهمت الأدوات الرّقمية في تطويره.
وعلى صعيد الموسيقى، تحظى الموسيقى البديلة برواج كبير بين الأردنّيين وتعدّ فرقة المربّع مثالاً على تقديم هذا النّوع من الموسيقى القائمة على التّمويل المجتمعي.