تحذيرات منظمة الصحة العالمية الإدمان على الألعاب الإلكترونية نوع من الإضطراب العقلي
كثيرةٌ هي المشاكل والآفات الإجتماعية التي نشهدها في عصرنا هذا. بعض الناس يلقون باللوم على التربية الحديثة، والبعض الآخر يلوم التّطوّر الذّي أصبح جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية وممارساتنا الإجتماعية والثقافيّة. وفي إطار هذا التطور، يبرز دور الألعاب الإلكترونيّة في حياة أطفالنا وشبابنا وتأثيراتها على نمط حياتهم الإجتماعية والتي بإمكانها أن تؤدي إلى مخاطر على صحتهم في المستقبل. وتؤكد دراسات اليوم أكثر وأكثر على المخاطر الناجمة عن التعلق بالألعاب الإلكترونية والمشاكل الصحيّة المترافقة. فلقد صنفت منظمة الصحة العالمية الإدمان على الألعاب الإلكترونية بأنه نوع من “الإضطراب العقلي”.
هذا التصنيف للمنظمة العالمية جاء بعد عدة دراسات ومراقبة حياة هؤلاء الأطفال والشباب الذين يمضون ساعات وليالي طويلة أمام هذه الألعاب، ويتناسون كل ما له علاقة بحياتهم الإجتماعية في الخارج. وقالت المنظمة في بيانٍ لها بأن عدم القدرة على ترك تلك الألعاب يشبه أعراض من يعاني من إضطراب نفسي وعصبي وهذا الأمر يستوجب المتابعة والمعالجة سريعاً. هناك الكثير من الأهالي يرفضون الإعتراف بهذا الأمر نظراً إلى المخاطر التي يمكن أن تلحق بأبنائهم جراء تصنيفهم في هذه الخانة وشعورهم بأنهم نقطة سوداء في مجتمعاتهم وعار على عائلاتهم. من ناحية أخرى، هناك مجموعة من الأشخاص رحبت بهذا التصنيف الذي من شأنه أن يشكل حافزاً للأهالي والجمعيات والحكومات على مراقبة هذه الآفة والحد من خطورتها على حياة الأطفال والشباب. وفي ظل هذا التباين في الآراء، أكدت منظمة الصحة العالمية بأن هذه الآفة لم تنتشر بعد وهي محصورة بعدد قليل من الأشخاص الذين يشكلون 3% فقط في العالم، ولكن على المدى المنظور بإمكان هذا الرقم أن يرتفع تدريجياً.
لكن هذا التصنيف يدق ناقوس الخطر، والغاية منه تسليط الضوء على مشكلة تعاني منها كل المجتمعات. مع الإشارة إلى أهمية التنبه إلى أن ليس كل طفل يمضي ساعات طويلة على الألعاب الإلكترونية هو مضطرب عقلياً ويعاني من مشاكل صحية وعقلية. فالألعاب الإلكترونية بالفعل تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على حياة أطفالنا الإجتماعية مثل عدم الإندماج مع أطفال آخرين وإرتباط تفكيرهم وإهتمامهم فقط بالألعاب الإلكترونية وحالة الضياع التي يعيشونها في المدرسة وغيرها من الأمور. وتؤكد الدراسات والأبحاث أن هذه الالعاب من شأنها أن تؤدي إلى الإدمان خاصةً عند الأطفال، لأن لا قدرة لهم على إستيعاب الحالة التي يمرون بها ومعالجة أزمتهم.
تلعب الجمعيات والأهالي دوراً بارزاً للحد من مشاكل الألعاب الإلكترونية. مع الإشارة إلى أن الأطفال والشباب بحاجة إلى وقت للعب وممارسة ما يحبونه مثل الرياضة أو الموسيقى أو الألعاب الإلكترونيّة . فحسب دراسةٍ أجراها باحثون في كلية العلوم الصحية بجامعة كتالونيا الاسبانية أظهرت نتائج إيجابية لألعاب الفيديو، من بينها تنمية مناطق في الدماغ مسؤولة عن تطوير المهارات وجعلها أكثر كفاءة، ولكن في الوقت نفسه حذرت الدراسة من إدمان يوازي اضطرابات إدمان أخرى. ويبقى التحدي الأكبر في ممارسة المراقبة وعدم السماح بأن تتحول هذه الألعاب عند أطفالنا إلى حالة من الإدمان.