المرأة في المسرح الأردني

حضورٌ قوي يجسد قضايا النساء وهواجسهن

حاضرة هي المرأة الأردنية في المسرح الأردني، ككاتبة ومخرجة أو في مجال تمكنها من التقنيات الحديثة للمشهدية المسرحية. ويعود الفضل في تفعيل الدور الإيجابي للمرأة في الحقل المسرحي، حسب كتاب "الجهود النسوية المسرحية" للكاتب عبداللطيف الشما، إلى إنشاء الجامعة الأردنية في أوائل الستينيات، حيث استقطب النشاط الثقافي "أسرة المسرح الجامعي" الفتيات ومن هناك كانت إنطلاقتهن الإبداعية، إلى جانب بروز أول تنظيم مسرحي محترف على يد الفنان هاني صنوبر. واليوم يستعيد المسرح الأردني نشاطه من خلال مهرجانات مسرحية عديدة، حيث نجد مشاركة فاعلة للمرأة الأردنية، نصاً وإخراجاً وتمثيلاً. وتنقل هؤلاء النسوة قضاياهن وأفكارهن إلى خشبة المسرح.

الروائية ليلى الأطرش واحدة من الأديبات الأردنيات، التي كرست أدبها للدفاع عن أهم القضايا الإنسانية والاجتماعية، ورصدت معاناة المرأة العربية، حيث خصصت لها تسعة أعمال روائية بالإضافة إلى العديد من مقالاتها وقصصها القصيرة وتحقيقاتها الصحفية وبرامجها التلفزيونية ولقد حصدت الأطرش جوائز تقديرية عدة منها جائزة الإبداع المسرحي من قبل وزارة الثقافة الأردنية لعام 2015. واختيرت من قبل تقرير التنمية الإنسانية العربية الرابع عن نهوض المرأة ضمن قلة من الكاتبات ممن تركن أثراً واضحاً في المجتمع.

في نصها الأدبي "ظلال الحب" الذي أخرجه للمسرح المخرج الأردني حسين نافع، وعُرض خلال فعاليات مهرجان "رم المسرحي" في دورته الثانية في المركز الثقافي الملكي، بمشاركة وتنظيم من نقابة الفنانين الأردنيين. أرادت ليلى الأطرش أن توجه رسالة وصرخة مدوية لواقع المرأة ونضالها. فحكايا النساء ومعاناتهن لم تختلف منذ الجاهلية وحتى اليوم، ولم يتوقف نضالهن في وجه قيود المجتمع. من هند بنت عتبة إلى زنوبيا إلى مي زيادة وصولاً إلى كل سيدة وشهيدة فلسطينية وعراقية وسورية، الظلم نفسه والواقع لم يتغير.

"ظلال الحب"، تقول الأطرش يعرض حكايا نساء أحببن بشكلٍ أو بآخر، أحببن الرجل والوطن والشهادة. وتبدأ الحكاية من قصة هند بنت عتبة، أول امرأة تعرضت لجريمة شرف، وكادت تُقتل لعدم ثقة المجتمع بالمرأة، لتنجو على يد عرّاف. لتنتقل المسرحية إلى قصة زنوبيا التي أحبت وطنها ودافعت عنه، بعد أن تعرضت مدينتها تدمر للتدمير مرتين. ومن عالم السياسة إلى عالم الأدب مع قصة مي زيادة التي اتهمت بالجنون لإيمانها بالأدب. ومن الماضي إلى حاضرنا العربي حيث تعرض الأطرش قصة الشهيدة الإعلامية العراقية واللاجئة السورية والأم الفلسطينية. وفي كل هذا الرجل هو نفسه، في كل الأزمان، لم تختلف نظرته تجاه المرأة النظرة التي كرست المرأة بأنها ضعيفة وخاضعة لسلطته.

هل تنتصر المرأة في نهاية المطاف؟ تجيب الأطرش، أردت أن أؤكد من خلال نصي أن أرواح هؤلاء النسوة يجتمعن للوقوف في وجه من يضع التشريعات التي تحد من حريتهن ولا تعطيهن حقوقهن، وأن على الرجل أن يؤمن بالشراكة مع المرأة. نجحت الأطرش في أن تكون حوارات أبطال "ظلال الحب" واقعية ودلالاتها تفسّر الكثير من الحقائق، وما رافقها من إسقاطات من مجريات قديمة على ما نشهده في حياتنا المعاصرة.

تُعرب الأطرش عن سعادتها بمشاركة مواهب أردنية شابة في مسرحية "ظلال الحب"، إلى جانب وجوه مخضرمة كالممثل الأردني القدير موسى السطري الذي جسد دور الرجل في كل العصور في المسرحية. إقبالٌ واسع شهدته المسرحية من قبل الجمهور الأردني على اختلاف فئاته. فالمشهد المسرحي في الأردن يستعيد ألقه بمشاركة مواهب مسرحية شابة كشفت عن إبداعاتها المسرحية والفنية المتجددة.

لكن المسرح الأردني، بحسب الأطرش، يحتاج إلى الدعم، فغياب التمويل يقف عائقاً أمام تنفيذ العديد من الأعمال المسرحية الأردنية. فمسرحية "ظلال الحب" ما كانت لتبصر النور لولا دعم الهيئة العربية للشارقة وشركة أمنية. وتتطلع الأطرش إلى عرض المسرحية في عدد من الدول العربية قريباً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *