الاستيلاء على الكوفية الفلسطينية
الكوفية هي قطعة قماش تستخدم في المنطقة العربية كغطاء تقليدي للرأس، تحمل الكوفية معان رمزية وأنماط وألوان مختلفة حسب السياق والبلد، ولطريقة ارتداؤها أهمية أيضاً، حيث أن لها القدرة على نقل الهوية. اشتهرت بلونيها الأبيض والأسود بأنها علامة شعبية على مقاومة الشعب الفلسطيني. يدرك كل من يعيش في العالم العربي أنها رمزاً رئيسياً لمطالبة الفلسطينيين بالاستقلال وكفاحهم المستمر ضد المحتلين لأرضهم.
دلالات الرموز
للرموز مكانة وأهمية عاطفية لدى الأمم لأنها تعبير عما يوحّد ويمثل الناس، حيث أنها ليست أبداً مجرد صور ثابتة، خاصة تلك المتعلقة بالمقاومة. إنها مظهر تجريدي، الكوفية شيء يمكن أن تلمسه، وترتديه، وترفعه عالياً كلما ازداد تضييق الاحتلال، إذ أنها لا تمثل فقط أساليب النضال لأجل الحرية، وإنما هي أيضاً مزيج ذكريات بين واقع التهجير والقمع والشتات، لذلك عندما ترفع العلامات التجارية للأزياء الميزة السياسية عن الكوفية، فإن ذلك يعتبر استيلاءً ثقافياً. الذي يُعرّف بأنه استحواذ أو هيمنة غير معترف بها من قبل أعضاء ثقافة معينة على عناصر من ثقافات الشعوب، وعندما تصبح الكوفية "موضة"، فهي عملية محو ثقافي وإخفاء المعنى الحقيقي للكوفية.
الاستيلاء في صناعة الأزياء
رغم أن الكوفية قد تم الاستيلاء عليها ثقافياً منذ فترة طويلة، إلا أن شركات الأزياء تتعرض الآن لانتقادات أكثر من أي وقت مضى، إذ اعترض الكثير من العرب على أن التسويق التجاري للكوفية يقلل من خطورة الاحتلال، حيث استخدمت العلامات التجارية الفاخرة مثل Cecilie Copenhagen و Louis Vuitton، الطباعة المربعة في أزيائها، وأثار وشاحها الأبيض والأزرق الذي بيع بـ 705 دولارات غضباً شديداً. واجهت LV الانتقادات بادعائها أنها محايدة سياسياً بينما كانت تستفيد مادياً من رمز فلسطيني "الكوفية" دون إجراء أية تعديلات على النموذج الأصلي.



الصور مأخوذة من مجموعة خريف / شتاء موقع Cecilie Copenhagen

الصور مأخوذة من مجموعة خريف / شتاء موقع Cecilie Copenhagen
تستخدم شركات الموضة السريعة أيضاً مثل Boohoo طباعة الكوفية، وتطلق عليها "الثوب القبلي"، فيما تطلق عليه شركة Topshop" " وشاح المهرجان festival-ready scarf"، وتطلق عليها شركة أوربان آوتفيترز Urban Outfitters "الوشاح المناهض للحرب"، ربما كانت العلامة التجارية الإسرائيلية Dodo Bar الأكثر إثارة للجدل لطباعتها نموذج الكوفية على البدلات والفساتين والقمصان والبلايز، التي يمكن بيعها بأكثر من 1000 جنيه إسترليني.
بعد مشاهدة أزياء Dodo Bar، نشرت المصورة الأردنية تانيا حبجوقة على فيسبوك ما يلي:
"الاستيلاء الثقافي في أعلى مستوياته…. استرعى انتباهي في مركز تسوق أنيق في تل أبيب، نسيج الكوفية الفلسطيني والأردني يملأ متجراً كاملاً. فساتين مثيرة أنيقة، تنانير غير تقليدية، عباءات طويلة تبلغ كلفها في حدودها الدنيا نحو 150 دولاراً أمريكياً لا توجد علامة أو تفسير من أين أتت هذه المواد. حتى زوجي وقف متجمدًا في حالة من الذعر، وهو يحدق في النافذة. لقد تجاوز الأمر حتى المعايير الموضوعة هنا".
الشعور بأن الكوفية تستحق ما يكفي لإخراجها من سياقها هو استيلاء. إنه استغلال. يعرف المصممون مدى قوة الملابس، ولهذا فإن التقليل من شأن الكوفية هو أمر مثير للجدل، حيث أن استخدام الكوفية في الأزياء لن يكون ضاراً جداً إذا لم يتم تهديد الفلسطينيين باستمرار بالإبادة. هناك خلل واضح جدا في القوة هنا. على الرغم من محاولات العلامات التجارية للحد من قوة الرموز الثقافية المتجذرة بعمق في الهوية، ستظل الكوفية بمثابة تذكير بمقاومة الفلسطينيين.