خصائص الهواتف الخلويّة المستقبليّة
بين فترة وأخرى، تكون عادةً نهاية عقد أو بداية آخر جديد، يشطح خيال المطوّرين والمستهلكين حول شكل الهواتف الخلويّة، وخصائصها في المستقبل.
حالياً، يبدو هذا التخيّل صعباً على المستهلكين، فكل شيء تقريبا خطر ببالهم يجدوه في هواتفهم الخلويّة، بات الهاتف الخلوي مكتباً متنقّلاً، وصندوق ألعاب، وجهاز صرّاف آلي، ومجمّع خدمات حكوميّة وغيرها الكثير، بفضل التطبيقات التي أتاحت تكنولوجيا الهواتف الخلويّة توطينها في الجهاز.
لكن، ماذا عن الشّكل، وطرق الشّحن التي تعد مشكلة أساسية لحاملي الأجهزة الخلوية، والأجهزة والمعدات والوثائق التي سيُغني الهاتف الخلوي عنها مستقبلاً.
سنستعرض هنا مستقبل الهواتف الخلويّة، من حيث شكل الهواتف، وطرق شحن الهاتف في المستقبل، وغيرها من الميّزات التي ستتوفر في الأجهزة الخلويّة.
دوام الحال من المُحال
تذهب بعض الّتقارير إلى أنَّ الهاتف الخلوي الذّكي قد لا يكون متوفراً في المستقبل بشكله الحالي، وتتوقع أن الشركات التي اخترعت التكنولوجيا المختلفة في الهواتف الخلوية الذكيّة لن تكون موجودة على أرض الواقع بفضل التفوّق التقني الهائل المتوقع، والمنافسة المحمومة، والتّاريخ الحديث الذي يشير إلى عمرٍ محددٍ للشركات التي لا تطوّر نفسها.
فشركة موتورولا التي أطلقت أول هاتف محمول في عام 1983، واعتُبر آنذاك طفرة تكنولوجيا هائلة، واحتكرت خلالها الشركة الأميركيّة وشركة نوكيا سوق الهواتف المحمولة في العالم، خرجتا من السوق.
مارتن كوبر - مهندس أمريكي قاد الفريق الذي بنى في 1972-1973 أول هاتف محمول وأجرى أول مكالمة هاتفية. يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه والد الهاتف الخلوي - المصدر
فبعد ريادتهما السّوق لسنوات، عانت الشركتان من خسائر فادحة لعدم قدرتهما على المواكبة والمنافسة أمام شركات أخرى قويّة، لتنتهي حكايتهما ببيع موتورولا لشركة جوجل قبل أن تقوم الشّركة الصينيّة لينوفو بشرائها مقابل 3 مليارات دولار، فيما بيعت أسهم نوكيا بالكامل لمايكروسوفت، بعد أن حاولت الشركة الفنلنديّة البقاء عبر إطلاق هواتف لوميا ولكنها لم تحقق النّجاح الذي يساعدها على البقاء.
لذا، فإنَّ الحديث عن مستقبل تلعب فيه الهواتف الذكيّة بشكلها وخصائصها الحالية الدّور الرئيسي، قد لا يكون منطقيّاً، حيث تتوقع كبرى الشّركات التكنولوجيّة في العالم "انقراض" الهاتف الذكي مستقبلاً وبدأت بالفعل في الإعداد لمرحلة "ما بعد الهاتف الذكي".
ساعات رقميّة
رغم أنَّ السّاعات الرقميّة ظهرت في الأسواق منذ فترة ليست بالقصيرة، إلّا أنَّ الحديث عن ساعات المستقبل الرقميّة، يكمن في إمكانية تحويل هذه السّاعات لهاتف وجهاز لوحي معاً، لكن، كيف سيكون ذلك؟
عملت شركة IBM الأميركية لتصنيع أجهزة الكمبيوتر، على تطوير ساعة رقميّة قابلة للطّي يمكن تحويلها إلى هاتف ذكي أو جهاز لوحي (تابلت)، أي تمكين المستخدم من القدرة على تحديد الحجم المطلوب للشّاشة بما يتناسب مع الوظائف المطلوب تأديتها.
وانتشر النّموذج التّخيّلي لشكل السّاعة الرقميّة المقترحة حيث ستبدو كساعة يد أكثر سمكا من الساعة العادية لوجود أجزاء الشّاشة القابلة للطّي أسفل الشاشة الرئيسية للسّاعة.
نظّارات وعدسات "خلوية"
تعتمد الهواتف المستقبلية بحسب الباحثين على دمج حياتنا الماديّة والرقميّة وربما نجد نظارات أو حتى عدسة لاصقة بالعين تتيح لنا إجراء المكالمات الصوتيّة والفيديو وتصفّح الإنترنت بتقنيات ثلاثيّة الأبعاد، بل وتتبّع الحياة الصحيّة للمستخدم وإخطاره في حالة حدوث أمر ما قد يضر بجسده، لكن كيف سيتم التّحكم في هذا النوع من الأجهزة؟
هنا، يتحدّث تقرير لصحيفة هافنغتون عن أنَّ الذّكاء الاصطناعي سيلعب دوراً مهماً في حياتنا اليومية، بحيث يتم إدخال الذكاء الاصطناعي في الهواتف الذكية فتقوم تلك الهواتف بإدارة حياتنا اليومية، بحيث سيصبح بالإمكان تلبية احتياجاتنا مثل طلب الطّعام وشراء التّذاكر وحجز الفنادق وجدولة المواعيد والبحث عن المعلومات من خلال التّحكم الصوتي.
وتتحدّث بعض الأبحاث عن تقنية (BCI) ، وتعني التّرابط الدماغي الحاسوبي، ومن خلالها يمكن التّحكم بالهاتف الذكي بواسطة قطعة صغيرة توضع في الأذن، وتحوّل الإشارات العصبية في الدّماغ إلى أوامر تمكّن المستخدمين من الوصول للمعلومات ومختلف التطبيقات، وحتّى التّحكم بالتلفاز والأجهزة الإلكترونيّة والكهربائيّة بالمنزل أو في أي جهاز متّصل بالشبكة، من خلال العقل.
خصائص ومواصفات هائلة
إنًّ الخصائص المستقبليّة المتوقّعة للهواتف الخلويّة لا تقتصر على الشّكل أو آلية التحكم، بل ستحمل في جعبتها الكثير من المواصفات.
ويتوقّع الباحثون أن تتطور تقنيّة شحن الهاتف في المستقبل الموجودة منذ سنوات لتصبح أكثر انتشاراً وفاعليّة من شكلها الحالي، التي تتطلب أن يكون الهاتف قريباً جداً وشبه ملاصق للشاحن اللاسلكي، حيث استعرضت شركة شاومي أخيراً شاحناً لا سلكيّاً مستقبليّاً سيتمكّن من شحن الهواتف على بعد أمتار حتى (ولو أن السرعة بطيئة للغاية) بالاعتماد على الأمواج المليمترية، كما تعمل كل من موتورولا وعدة شركات على تقنيات مشابهة ربما تكون أساس الشّحن اللاسلكي المستقبلي.
وذهبت شركة إيرا الأميركية إلى أبعد من ذلك، فالشركة اليوم تعمل على تطوير منصة تتيح الشّحن اللاسلكي من أي مكان تتواجد فيه الأجهزة المراد شحنها.
إنَّ ثورة اختراع بدائل لشحن الأجهزة قد لا تغني الشخص عن التفكير بتوفير شاحن سلكي معه فقط، بل ستجعله ينسى فكرة ضرورة وجود منفذ شحن.
إلى جانب الشّحن، يحمل مستقبل الهواتف الخلويّة ثورة أخرى في عالم المدفوعات الالكترونية، وستصبح بطاقات الائتمان التي عرفتها البشريّة منذ خمسينات القرن الماضي، جزءاً من الذّاكرة. حيث ستكون الهواتف المستقبليّة الوسيلة الوحيدة للدفع، وستحلّ مكان البطاقات الائتمانية، ورغم انتشار هذه الوسيلة حاليّاً (المدفوعات عبر الهواتف الخلوية)، إلّا أنّها ستكون أكثر أماناً وموثوقيّة ومرونة مما هو موجود حاليّاً.أما الخصائص الأخرى الثّوريّة للأجهزة الخلويّة، فيتوقّع أن تخترق كذلك شكل الهواتف، إذا سيتم الاعتماد على الطرق اللاسلكية في الشحن واستخدام السّمّاعات، ما قد يغني عن وجود منافذ في الأجهزة للشحن أو مداخل للسّمّاعات.
كما ستشمل التقنيات المتطوّرة، وفق المراقبين، زيادة في كفاءة الكاميرات ودقّة الصّورة ودخول عالم الصّور ثلاثيّة الأبعاد، والتحليل الرقمي بدلاً من الاعتماد على التخزين فقط، وغيرها الكثير مما كنّا نشاهده في الأفلام.
إنَّ وجود هواتف خلويّة في الأعوام القادمة يبدو منطقيّاً، وتحسين الخصائص وتغييرها سيسير بمنحى متطوّر كذلك، ويبقى السّؤال فيما إذا كنا سنشهد هذه الثّورة، أو يعيش معها أبناؤنا وربما أحفادنا، أما الإجابة عن هذا السؤال، فستعتمد على مقدرة الشّركات المطوّرة والمخترعين في تحويل هذه الأفكار والأحلام إلى واقع ملموس.