نظرة على كوارث الفيسبوك: هل العودة ممكنة؟
حسام خطّاب - على مدار الأعوام الماضية، واجهت شركة فيسبوك أو ميتافيرس حاليّاً عدداً من التّحديات الّتي جعلت المتابعين والمهتمّين يعتقدون بأنّ الشّركة لن تستطيع تجاوزها، ومع الأخبار الأخيرة الّتي أشارت إلى خسارة الشّركة ل240 مليار دولار في يوم واحد تعود هذه المخاوف إلى السّطح.
إلى أيّ مدى العودة ممكنة؟
في عام ٢٠١٢، شركة فيسبوك واجهت عائقاً متمثّلاً في تباطؤ نموّها وزيادة نفقاتها وتأخّرها خلف ركب المنافسين. وخلال عامين نجحت الشّركة في قلب الموازين، إذ زادت مبيعاتها عام ٢٠١٤ زادت بنسبة ٧٥٪ عن العام الّذي سبقه، وأرباحها تضاعفت ثلاث مرّات. وهذه العودة كانت سبباً في سيطرتها على السّوق خلال الأعوام التّالية.
بعد عقد وجدت شركة فيسبوك نفسها في مفترق الطّرق نفسه، بعدما أعلنت قبل أيّام عن تراجع أرباحها و تراجع عدد المستخدمين اليوميّين. الشّركة خسرت في يوم واحد حوالي ٢٣٣ مليار دولار من قيمتها، وكان أسوأ يوم مسجّل للتداول في تاريخ شركة عامّة على مرّ التّاريخ.
الفارق بين الحادثتين هو أنّ سبب العودة الأولى كان سوق الموبايلات الذي كان مزدهرا حينذاك. أما زوكربيرغ يعوّل اليوم على الميتافيرس لتأمين العودة الجديدة، إلا أنّ الميتافيرس ما زال في البدايات والرّاجح أنّه يحتاج إلى سنوات حتّى تتضّح معالمه ويزدهر. مئات ملايين الدولارات بيعت في عام ٢٠١٢ في سوق الموبايلات، وهي نفس السّنة الّتي ركّزت فيها فيسبوك على الموبايل. وفي المقابل، فقط حوالي عشرة ملايين نظّارة VR بيعت في عام ٢٠٢١. أي أنّ نظارات VR التي تعتبر حجر الأساس للميتافيرس في البدايات هي الأخرى.
ميتافيرس: إسم مختلف .. تحدّيات مشابهة
في الوقت نفسه، شركة ميتا تواجه تهديدات على أكثر من صعيد. قاعدة مستخدميها تشيخ وتزداد عمراً، ونموذج مبيعاتها المبنيّ على الإعلانات تلّقى ضربة قاضية من شركة Apple بعد تغيير سياساتها، وعدد معتبر من الفضائح جعلتها تحت مجهر الجهات التّشريعية والقضائيّة. كلّ ذلك سيحدّ من قدرتها على الاستحواذ على شركات جديدة مثلما فعلت مع الواتساب والإنستغرام.
زوكربيرغ نفسه غير متيقّن من الميتافيرس، وهذا ظهر في تصريحاته مؤخراً. طريق الميتافيرس ما زال غير واضح المعالم، وتعيقه كلّ التّركة الثّقيلة الّتي تحملها شركة ميتا على عاتقها، وكذلك مكلف مادياً. يبقى أن نعرف أنّ الشّركة استثمرت حوالي 10 مليار دولار خلال عام ٢٠٢١. الميتا تضّحي بحاضرها، وتراهن على الميتافيرس غير المضمون. بل وأكثر، بعض منافسي فيسبوك أحرزوا تقدّماّ أكبر منها في عالم الميتافيرس. علاوة على ذلك، منّصة الفيسبوك باتت تعدّ منّصة للتّواصل مع الأقارب والأصدقاء كبار العمر، الذين لم يتشجّعوا حتى الّلحظة لاقتناء نظّارات VR وهم أقلّ حماساً تجاه الميتافيرس. الشّركة تملك الأموال، ولكنّها لا تملك عناصر ضروريّة أخرى مثل الثّقة وشريحة المستخدمين ودعم المشرّعين.
الميتافيرس في طريقه للهيمنة على العالم، هل أنت مستعدّ؟ اعرف أكثر
عندما غيّرت الشركة اسمها، لعلّها أرادت الابتعاد عن ماضيها الشّائك. ومع ذلك، ردّة فعل السّوق قبل أيام أثبتت أنّ تلك الحركة لم تؤتِ أكلها. تغييرات شركة Apple لسياستها ستكلّف شركة ميتا حوالي 10 مليار دولار في عام 2022. وتراجع عدد المستخدمين اليومييّّن في الرّبع الأخير يشي بأنّ الشركة باتت تفقد أيضاً القاعدة الّتي تعوّل عليها. عندما يقلّ عدد المستخدمين، سيقلّ ربح الإعلانات، وسينصرف عنها المعلنين، وهو بلا شكّ خطر داهم لا يمكن تجاهله.
الشّركة أخبرت المستثمرين بأنّها تراهن على خاصّية Instagram Reels لمنافسة TikTok في استقطاب المستخدمين الشّباب. ومن أكبر عوائق هذا التوجّه أنّ توليد الأموال من خلاله صعب. ناهيك عن أنّ الاستحواذات الكبرى لن تكون سهلة هي الأخرى، بسبب مراقبة المشرّعين لها بكثافة خوفاً من ممارسات الاحتكار في السّوق.
ماذا الآن؟
باتت هذه المشاكل مجتمعة تهدّد استمراريّة الشّركة أكثر من أيّ وقت مضى، والتهديدات جدّية ووجوديّة بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى.
كما أنّ عالم الميتافيرس الّذي تعلّق عليه الشّركة أمانيها يتحسّس طريق نجاحه، ومن الوارد أن تمضي سنوات قبل إثبات نجاعته من عدمها. المؤكّد أنّ شركة فيسبوك اصطدمت بجدار ضخم، وطريق العودة منه أو تجاوزه ليس مفروشاً بالورود حتماً.