تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة… الفرص والتحديات
أخذت شركة أمنية على عاتقها مساعدة أصحاب الشركات الناشئة وريادي الأعمال لمعرفة السوق وتوجهاته بشكل جيد واكتشاف الفرص الحالية والمستقبلية الموجودة فيه، وذلك عبر سلسلة جلسات افتراضية عبر صفحة حاضنة أمنية لريادة الأعمال The Tank على الفيسبوك، مع أهل الاختصاص والخبرة لتقديم الأفضل. وفي الجلسة السادسة، تم تسليط الضوء على تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة وتحديداً عن أربعة أنواع تندرج في إطار هذه التكنولوجيا وهي: التكنولوجيا المالية، إنترنت الأشياء IOT، Block chain وعلم البيانات الضخمة، وقد تطرق الحديث إلى الفرص والتحديات في هذه التكنولوجيات إضافة إلى تعريفها وكيف استطاعت مواجهة أزمة كورونا ومساعدة القطاعات الإنتاجية.
ماهية الثورة الصناعية الرابعة
وفي بداية الجلسة عرّفت المحاورة نور أبو جبارة عن ماهية الثورة الصناعية الرابعة التي تشكل جزءاً من سلسلة من الثورات الصناعية خلال عشرات القرون السابقة، فالثورة الصناعية الأولى بدأت في القرن 18 وكان أساسها تحويل الاعتماد على الجهد البدني والطاقة الحيوانية إلى الطاقة الميكانيكية، الثورة الصناعية الثانية بدأت أواخر القرن 19 وكان أساسها اكتشاف البترول والكهرباء واندرج تحتها الكثير من الاختراعات، أما الثورة الصناعية الثالثة فبدأت في سبعينيات القرن الماضي وكان أساسها الرقمنة والإنترنت والشبكة العنكبوتية التي مهدّت إلى نشوء الثورة الصناعية الرابعة التي شكلت الحوسبة والكومبيوتر والإنترنت الأساس الصلب لها، والتي بتنا اليوم نتأثر بها بشكل مباشر، وقد تم الإعلان عنها رسمياً في المنتدى العالمي الاقتصادي في دافوس عام 2016.
التكنولوجيا المالية
في بداية الجلسة تحدث رئيس دائرة التسويق في أمنية السيد زيد إبراهيم عن التكنولوجيا المالية مشيراً إلى أن إدخال التكنولوجيا لأي من الخدمات المالية أو المصرفية تحسن من نوعية الخدمات التي تقدمها المؤسسات المصرفية الكبيرة وتسهل الوصول إلى أكبر شريحة من العملاء، معتبراً أن التكنولوجيا المالية أصبحت واقع وعلى المصارف أن تتكيف معه، علما أن ذلك يزيد عبئاً إضافياً على عملهم عبر فتح باب المنافسة لمؤسسات قد تكون أصغر حجماً، إلا أنها فتحت فرصاً وآفاقاً جديدة من ناحية الدخول إلى أسواق لم تكن تشكل أهمية لخدمة شرائح معينة.
إبراهيم أوضح أن المصارف في الأردن تداركت هذه المسألة وهي اليوم تشكل جزءاً من هذه المرحلة، ولهذا السبب أكثر من سبع مصارف تقدم خدمات المحافظ الإلكترونية، لافتاً إلى أن هذا التسارع أدى إلى نشوء عدد كبير من شركات ناشئة تعنى بالتكنولوجيا المالية.
أين هي شركات الاتصالات من هذا الواقع
إبراهيم أوضح أن شركات الاتصالات في المملكة لم تكن بعيدة أيضاً عن هذا التوجه، فمعظم هذه الشركات تقدم خدمات الدفع عبر الهاتف النقّال، لأنها تشكل وسيلة دفع آمنة وسهلة ومعتمدة من البنك المركزي في بلد نسبة الشمول المالي فيه متدنية جداً، وقال إن التكنولوجيا والشركات المعنية بالدفع الإلكتروني أو بمختلف طرق التكنولوجيا المالية ستضيف لمسة جديدة إلى قطاع الخدمات المصرفية وستصل إلى الأشخاص الموجودين في المناطق النائية، في وقت كانت تكلفة الوصول إليهم لا تحمل أي جدوى مالية أو ربحية، فهذه الشركات ستكون الجسر الذي سيستطيع أن يكمل عجلة الشمول المالي في الأردن.
أسس نجاح التكنولوجيا المالية
رئيس دائرة التسويق في أمنية عدّد النقاط التي تعتمد عليها التكنولوجيا المالية للنجاح:
- وجود التكنولوجيا يسهّل عمل الشركات القائمة على التكنولوجيا المالية ويساهم في سرعة انتشارها.
- من الضروري ان يكون هناك بنية تحتية صلبة وقوية لنشوء هذه الشركات إضافة إلى شبكة الاتصالات التي ساهمت في نجاح هذه الشركات وسهلت انتشارها.
- الموارد البشرية التي تساهم في عملية الخلق والابداع.
- الأنظمة والأطر القانونية التي ترعى هذه الشركات كالتعاميم الصادرة عن المصرف المركزي سهلت كثيراً عمل الشركات المالية لتكون وسيلة آمنة للدفع، ومكّنت العميل أن يسجل في المحفظة الإلكترونية بشكل رقمي من دون الحاجة إلى الذهاب إلى الفرع.
- الحاجة: يوجد نسبة متدنية من الاشتمال المالي التي بدأت تزيد بشكل كبير من خلال التكنولوجيا المالية.
- التطبيقات: غياب التطبيقات لا يحفز العملاء للجوء إلى المحافظ الإلكترونية، ومع جائحة كورونا كان هناك اتجاه للابتعاد عن التعاملات النقدية المباشر وفضّل الناس عدم الخروج من منازلهم والاحتكاك مع بعضهم ما أوجد بيئة خصبة للمحافظ الإلكترونية.
إبراهيم أشار إلى أنه في شهر نيسان الماضي تضاعفت العمليات والتحويلات التي انجزت عبر خدمة محفظتي من أمنية عن الشهر نفسه من العام الماضي، معتبراً انه سيكون هناك تغيير في النمط الاستهلاكي والإنفاقي لدى المستخدم الذي سيلجأ إلى وسيلة دفع آمنة وسهلة رقمية بحتة توفر الجهد والمال، متوقعاً أن يكون انتشار هذه المحافظ إلى ازدياد، وقال المستقبل اليوم لخدمات التكنولوجيا المالية.
وكنصيحة للشركات الناشئة، اعتبر السيد زيد أن أسوأ شيء يمكن أن يفعله أشخاص يريدون ترؤس شركات ناشئة هو أن يطبقوا أفكاراً نجحت في الخارج كأمازون وفايسبوك لأنها أصبحت من الماضي، ولكن التطبيقات المطلوبة اليوم هو زيادة خدمات مضافة إلى هذه التطبيقات والإضاءة على جانب للعميل لم تنظر اليه هذه الشركات الكبيرة، متوقعاً أن يكون الطلب على الأشخاص الذين يقدرون على تحويل الجانب العلمي إلى تطبيقي وعملي كبير.
المحافظ الإلكترونية
وعن أهمية المحافظ الإلكترونية في الشركات، أوضح إبراهيم أن الشركات ممكن أن تحوّل بيئتها إلى شركات لا تعتمد على التعاملات النقدية من خلال المحافظ الالكترونية، لافتاً إلى أن كل منزل يكاد لا يخلو من الموبايل والإنترنت فمن خلال المحافظ الإلكترونية رقم الموبايل سيصبح رقم الحساب البنكي للعميل وبالتالي سيكون هناك التزام أكثر من قبله مع الشركة.
إنترنت الأشياء IOT
من جهته، شرح المدير العام لشركة ابتكار ومدير برنامج الابتكار والريادة في الجامعة الألمانية - الأردنية المهندس جميل الخطيب عن "إنترنت الأشياء" التي هي تطور طبيعي لمفهوم الإنترنت التي بدأت على أجهزة معينة وبات اليوم بإمكاننا ان ندخلها إلى أي شيء، مشيراً إلى أن أهمية هذه التكنولوجيا هذه أنها تسهل علينا التحكم واتخاذ القرار من دون ان نعود إلى العامل البشري الذي لا يمكنه قراءة كل المعلومات والتجاوب معها في الوقت المناسب.
إنترنت الأشياء كما أوضح الخطيب تبدأ من المنازل الذكية كالتحكّم بدرجة الحرارة في المنزل والإضاءة، مروراً بالمصانع حيث يمكن مراقبة المصنع والأجهزة عن بعد، وصولاً إلى الساعات والموبايلات، فكل ما هو مطلوب هو إيجاد لغة مشتركة بين الأجهزة والأشياء والانسان في الوقت نفسه.
وقال الخطيب من المهم أيضاً أن نعرف أن توقعات المستخدم ستصبح مختلفة بعد كورونا، فمثلاً طريقة شراء المستهلك اختلفت وتطورت كثيراً وهي ستتطور أكثر مع الثورة التكنولوجية الرابعة عبر علم البيانات الذي سيتنبأ بما يحتاج إليه المستهلك قبل أن يطلبه، وبالتالي يجب أن نطور المنتجات على أساس مزاج الناس.
التحديات والفرص المنوطة بتكنولوجيا إنترنت الأشياء
وعن التحديات والفرص، أشار المهندس جميل الخطيب وعبر صفحة The Tank من أمنية إلى أن من يريد الغوص في هذه التكنولوجيا يجب عليه أن يطور مهاراته التقنية، وقال إن هذه التكنولوجيا تعتمد على تغييرات الناس إلا أنه ليس من السهل تغيير ثقافة المجتمع كما انه ليس من السهل تقبل الأمور بطريقة سريعة خصوصاً عند كبار السن، لذا من الضروري ان نركّز على توقعات المستخدم. وختم مداخلته بالقول: التكنولوجيا جاهزة إلى حد ما وبحاجة إلى تطوير ولكن الناس ليست جاهزة إلى هذه التكنولوجيا، ونصيحتي للشباب التركيز على الفئة المستهدفة واحتياجات الناس ومن ثم إعطاءهم التكنولوجيا الذي يطلبونها.
Blockchain
ثم تحدث الباحث في مجال Blockchain في مركز البناء الحديث الذكي في جامعة غرب سدني عامر حجازي عن سلسلة الكتل أو تكنولوجيا ال Blockchain التي تعتمد على مبدأ الشفافية والثقة واللامركزية عبر حفظ البيانات على شبكة بطريقة آمنة، فجاءت هذه التكنولوجيا لتنقل مبدأ المعاملات التقليدية النقدية والتجارية التي تعتمد على مبدأ الطرف الثالث أو المركزية إلى اللامركزية.
ولا تقتصر خدمات Blockchain كما يقول حجازي على بيتكوين أو العملات الرقمية فقط، بل أيضاً على العقود الذكية، والقطاع الأكبر لهذه التكنولوجيا هو مبدأ التطبيقات الصناعية او الأمور المرتبطة بالمعاملات التجارية أو الفنية، إضافة إلى توثيق البيانات وحماية الملكية، فهي ليست مجرد ثقافة تكنولوجية بل تغير طريقة التعامل مع كل شيء.
وقال حجازي بيتكوين هو أحد تطبيقات وأصغر التطبيقات في Blockchain هو كعملة رقيمة ثابت إلى حد ما لأنه ليس لديه صفة المركزية وهو يسير كمبدأ الذهب، فكمية البتكوين الموجودة هي كمية ثابتة تحافظ على قيمة هذه العملة.
إدخال Blockchain في قطاعات عدة
وأضاف حجازي في العالم العربي، الأردن ودبي تذهبان إلى منحى إدخال الBlockchain إلى القطاعات المالية وأعطى مثال عن ماليزيا التي استخدمت Blockchain لتكون عملية التصويت شفافة في الانتخابات وعن حكومات كندا وأستراليا وبريطانيا، التي بدأت بوضع قوانين لإدخال Blockchain في القانون، لأنه يغير الطريقة التي نتعامل بها مع التجارة بشكل كامل، موضحاً أن لامركزية التعاملات في الأوراق والعقود بحاجة إلى قوانين وأنظمة مختلفة ومتطورة، وعندما نتكلم عن العقود الذكية فهنا يجب أن نعلم أن هناك طريقة مختلفة تطرح عن طريقة العقود التقليدية.
حجازي أوضح أن هذه التكنولوجيا تحل مشكلة الأمان على الإنترنت، ففي جائحة كورونا كل المعاملات كانت على الإنترنت، ومن شأن هذه التكنولوجيا أن تحمي الأمور المالية والبيانات الشخصية والمعاملات، الأبحاث، وهي تخلق الحلول للملكية الفكرية والأمان.
ماذا عن تحديات وفرص ال Blockchain
وعن التحديات والفرص، قال حجازي أن بعض الوظائف ستختفي في المستقبل ولكن هناك طريقة عمل وتفكير جديدة ستأخذنا إلى مكان آخر، ومن المفروض أن يبدأ الشباب والشركات بتطوير أنفسها للدخول في هذا القطاع، مشيراً إلى أن الكثير من الشركات في الأردن بدأت بالتفكير بال Blockchainإلا أن أكبر التحديات تكمن بوجود بنية تحتية جاهزة إضافة إلى التحديات القانونية.
علم البينات وبيانات ضخمة Big Data
وعن علم البيانات والبيانات الضخمة، شرح عبر The Tank استشاري أنظمة IBM لعلم البيانات الضخمة في شركة JBS حمزة الخوالدة، الذي قال إن هذا العلم هو أساس استخراج المعرفة وتحويلها إلى قيمة مالية لزيادة أرباح أو تقليل المصروف ودرس سلوك المستهلك بطريقة تفيدنا فيما بعد، مشيراً إلى أنه علم متداخل مع جميع القطاعات والقيمة الفعلية له هي الاستفادة من البيانات المتراكمة التي أصبح الإنترنت يسهل تراكمها بسرعة هائلة وكميات ضخمة وهو قائم على استخراج المعرفة من البيانات من خلال تقنيات التنقيب لغاية التنبوء والإدراك والفهم والتحليل والتصنيف التي تقترب من قدرات عقلية بشرية ادراكية، وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي عندما يتداخل مع علم البيانات ويسخرها لخدمته لتحقيق هذه الغايات.
وأعطى خوالدة مثالاً عن عالم الصناعة، فعلم البيانات يساعدنا على الصيانة التنبوئية كاللحاق بالمشكلة قبل وقوعها والتشخيص المبكر وبناءً عليه نتحرك إلى الأمام، كذلك يمكن لعلم البيانات أن يساعد في التطبيقات. كما يمكننا عبر هذه التكنولوجيا ربط مثلاً كاميرات المراقبة في الشوارع عند إدارة السير لتتم قراءة رقم السيارة وقراءة البيانات الضخمة المرتبطة بها وبناء عليه يمكن أن نعرف إذا كان السائق مطلوب أو عليه أي متأخرات في الدفع أو أي شبهات أمنية.
خوالدة تحدث عن كلمتي سرّ في هذا القطاع؛ الأولى "أنها بحاجة إلى تمييز الأنماط المتشابهة"، أما الثانية فهي "الوصول إلى الخصائص الخفية".
دور البيانات الضخمة في تنبؤات جائحة كورونا
وعن أزمة كورونا، قال خوالدة، إن كل التنبؤات التي حصلت في الفترة الأخيرة لم تكن باستخدام علم البيانات، لأنه لا يوجد بيانات سابقة كافية عن كورونا بل تم الاعتماد على الإحصائيات، لافتاً إلى أن الدول التي كان لديها مركزية للبيانات الطبية والكميات الكبيرة من المرضى استطاعت أن تسخّر علم البيانات للبناء عليه، فليس المهم معرفة أرقام الإصابات بل المهم أن أحلل الإصابات وأعمارها وأعراضها وفئة الدم وفترة الشفاء وعندها أستطيع أن أخرج بحلول سحرية إلى الأمام وأستطيع عندها تفادي كوارث عبر علم البيانات وتحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة والتشخيص الاستباقي، وحتى الذهاب إلى السبل العلاجية.
مستقبل علم البيانات والبيانات الضخمة: فرص وتحديات
يقول الخوالدة إن الثورة الصناعية الرابعة تندرج تحت مفهوم تغير فكرة العرض والطلب وسلسلة جديدة من تقديم أنواع من القيم والخدمات يتكامل فيها كل المكونات الفيزيائية والبشرية مع بعض، فتداخل التكنولوجيات مع بعض، ويتغير معها سلوك العميل.
فهذه التكنولوجيا يتابع الخوالدة تمكننا أيضاً من دراسة بيانات العملاء: فمثلاً يمكن أن نتنبأ بانتقال أي عميل من شركة أمنية مثلاً إلى شركة ثانية منافسة، وهذه التنبؤات تكون مبنية على بيانات قديمة لأشخاص سابقين غادروا الشركة، ويتم التنبؤ حسب سلوك العميل الشرائي وبالتالي يمكن تقديم له حلول لعدم مغادرته الشركة.
وعن التحديات قال الخوالدة إن الدراسات تشير إلى أنه بحلول العام 2030 ما بين 20 و35% من الوظائف التقليدية في الدول المتقدمة ستندثر بمقابل الذكاء الاصطناعي وعلم البيانات، والتحدي الثاني أيضاً يكمن في لامركزية البيانات وفي بنية تحتية قوية تتبناها الدولة بشكل فعلي، فاذا أردنا جمع بيانات عن تاريخ شخص معين مثلاً للتنبؤ ما إذا كان سيصاب بمرض معين قد لا نستطيع جمع بياناته وتاريخ المرض بسبب لامركزية البيانات.
الخوالدة أعطى نصيحتين إلى الشركات الناشئة وريادي الأعمال قائلاً إن أي تطبيق يجب أن يجيب على 3 أسئلة:
• هل يحل التطبيق مشكلة حقيقية موجودة
• هل الشركة قابلة للتطبيق من الناحية التقنية
• هل يؤمن هذا التطبيق المردود المالي الكافي
أما النصيحة الثانية فهي أهمية بناء استراتيجيات للبيانات من اليوم الأول في أي شركة ناشئة، وتحديد طبيعة البيانات التي ستجمعها الشركة عن العملاء.