كيف يبدو تغير العولمة في ظلّ التكنولوجيا؟
ما يحدث في جانب ما من العالم يتردّد صداه وتأثيره على الجانب الآخر من العالم، فمن كان يصدّق أنّ نوع الطّعام الذي يتناوله الأشخاص في الصّين قد يجعل العالم كلّه حبيساً نتيجة لانتشار الوباء؟ هذه هي العولمة والتي تعني انتشار الظّواهر والأشياء على الصّعيد العالمي. ترتبط العولمة بالتّكنولوجيا ارتباطاً وثيقاً كما أنّ تغير العولمة يعود بصورة رئيسيّة إلى الطّريقة التي تطوّرت بها التّكنولوجيا.
أصبح بمقدورنا اليوم أن نتسلّق قمّة إفرست ونحن على مكاتبنا في المنزل، كما يمكننا أن نبدأ صباحنا بجولة على المتاحف العالميّة الشّهيرة وذلك بفضل الميتافيرس.
وعلى الرّغم من التوقّعات السّابقة بأن تختفي العولمة إلا أنّ الخبراء يؤكدّون بأنّ تغير العولمة سيقود إلى تحوّل الطّريقة التي تتدفّق بها المعلومات والبيانات في العالم إلا أنّه لن يقود إلى اختفاء العولمة.
تغير العولمة: تدفّق البيانات يتضاعف
أسهم تدفّق السّلع بمعدّل يصل إلى ضعف نموّ النّاتج المحلّي الإجمالي في دفع التّفاعل على المستوى العالمي، كما قفزت تدفقّات البيانات بنسبة تصل إلى 40% خلال السّنوات العشر الماضية.
يعدّ ذلك شكلاً من أشكال تغير العولمة، ويعني بأنّ هناك تحوّلات على الاقتصاد العالمي والطّريقة التي تعمل وتتفاعل بها الدول مع بعضها البعض.
وسيبقى العالم مترابطاً بفضل العولمة إلا أنّ الطّريقة التي يرتبط بها هي ما ستتغيّر، حيث سيبقى العالم معتمداً على بعضه البعض فالمناطق الصّناعية على سبيل المثال مثل الصّين وأوروبا بالإضافة إلى دول المحيط الهادئ ستعتمد على الجانب الآخر من العالم للحصول على الموارد مثل الطّاقة والغذاء وغيرها.
لم يمنع بعد المسافة بين الصّين من جهة والبرازيل وتشيلي من جهة أخرى الأولى من استيراد 25% من معادنها من دول أمريكا اللّاتينية في تجسيد واضح للعولمة خصوصاً في ظلّ التّغييرات التي تلقي بظلالها على المشهد العالمي باستمرار، حيث كانت الصّين تعتمد على 50% من مصادر الطّاقة من روسيا بشكل رئيسي سابقاً أمّا الآن فقد أصبحت تعتمد على دول أمريكا اللّاتينية كما ذكر.
أما فيما يتعلّق بالملكية الفكرية فيتجسّد التّبادل من خلال كون أمريكا وأوروبا تعدّ دولاً منتجة للملكية الفكرية وما يتعلّق بها من تخصّصات، فيما تعتبر الصّين مستهلكاً.
ينطبق الأمر نفسه على القوى العاملة، فمع تغير العولمة لم يتوقّف 60 مليون شخص من خارج أمريكا الشّمالية عن العمل هناك وبالتّالي المساهمة في نموّ الاقتصاد.
ويبدو أن التدفّق المعرفي هو الوجه الأبرز لتغير العولمة وجميع التطوّرات المرتبطة بها، حيث دخلت تدفقّات معرفية جديدة مثل الهندسية على سبيل المثال على خطّ التدفقّات التّجارية التّقليدية بنسبة نموّ تصل إلى 6%.
كلّ ذلك يأتي في الوقت الذي تسهم فيه السّحابة وهجرة البيانات إلى تدفّق البيانات بين البلدان بصورة غير مسبوقة، ما يعني بكلمات أخرى بأنّ التّكنولوجيا غيّرت وجه العولمة كما نعرفها لتعيد إحياءها في قالب جديد.
تركت العولمة بصورتها الجديدة آثاراً إيجابيّة على اقتصادات الأسواق الصّاعدة بشكل خاصّ في ظلّ اعتمادها على الابتكارات الحديثة والتّكنولوجيا حيث حقّقت نموّاً سنويّاً كبيراً في هذه البلدان.
العولمة والبيئة: علاقة تبادليّة
لا يمكن تحقيق الهدف العالمي الكبير المتمثّل في الوصول إلى صفر انبعاثات كربون دون تدفّقات عالمية على مختلف الأصعدة حيث إنّ الطّريقة الحديثة في نقل الطّاقة والبيانات وغيرها على أن تكون تكنولوجيّات نقل الطّاقة قادرة على التدفّق في جميع أنحاء العالم.
كما أنّ التّقنيات الحديثة التي تسهم في توفير الطّاقة مثل الألواح الشّمسية لا تصنع بالضَرورة في جميع أنحاء العالم الأمر الذي يتطلّب نقلها.
وسيسهم تغير العولمة في تقليص الوقت اللّازم لاكتشاف المعادن ومصادر الطّاقة الحديثة ما يعني سرعة أكبر في تحقيق الأهداف المختلفة.
ستكون العولمة عاملاً هامّاً في تحقيق التّنمية الاقتصادية وتمكين البلدان من تحقيق الكثير دون إنفاق الكثير كما كان الحال عليه سابقاً.