البُعد المجتمعي للشركات الربحية
د. خالد خريسات - مؤسس ومدير عام شركة منصة دمج الأكاديميا بالصناعة
مفهوم المؤسسات المجتمعية
ما زال مسمى المؤسسات المجتمعية غير مفهوم للعديد منا ويتبادر للذهن سماع هذا المصطلح المؤسسات والمنشآت غير الربحية أو الجمعيات الخيرية وغيرها.
ورغم تمويل وإدارة العديد من البرامج من منظمات متخصصة ومحاولة تعزيز الجانب المجتمعي في الشركات والمؤسسات رغم اختلاف تصنيفها في وزارة الصناعة والتجارة، إلا أن هذه البرامج لا تلقى الدعم الكافي من الحكومة لتسليط الضوء على إنجازات هذه المؤسسات في تمكين الفئات المهمشة والأكثر هشاشة من أفراد المجتمع المحلي.
الشركات الربحية وإدارة البرامج المجتمعية
ومن خلال تجربتي ومتابعتي الشخصية في تصميم وتنفيذ واحد من البرامج المموّلة لتمكين السيدات من خلال نموذج الشركة والتي تربط بين القطاع الصناعي والأكاديمي، وجدت أن هذه الشركة أقدر على إدارة البرامج المجتمعية من حيث التصميم والتنفيذ والحصول على نتائج ملموسة على أرض الواقع، لأن هذه الشركات الربحية تكون عملية أكثر لوجود الكفاءات والخبرات، إضافة إلى الحرص على قياس الأداء بمعايير تتوافق مع خصائص الشركات الربحية في القطاع الخاص.
سبل ضمان ديمومة المشاريع واستمراريتها
حيث أن الهدف الأساسي لهذا المشروع هو تمكين الفئات المهمّشة اقتصادياً، فكانت أولى أولوياتنا الحرص على ديمومة واستمرار هذه المشاريع بعد انتهاء مدة التنفيذ، لذا تم تصميم المشروع على أكثر من محور، مثل محور التوعية لزيادة ثقافة هذه الفئة بتبعات المشكلة التي نستهدف حلها، ومن ثم تصميم الحلول للمستفيدات بحيث تكون قابلة للتطبيق ضمن الإمكانات المحدودة لكل منهن ومن ثم تأهيلهن على كيفية إدارة هذه المشاريع بكل ما تتطلبه من تخطيط وإدارة حملات تسويقية وغيرها.
كانت نتائج هذا المشروع على أرض الواقع أكبر بكثير من القيمة المادية للموازنة التي رصدت له، إذ تم استغلال مخصصاته بطريقة عملية نتج عنها أكثر من أربعين مشروعاً خاصاً للمستفيدات مع إيجاد فرص عمل لعشرين سيدة أخرى من المستفيدات في مجال التسويق الرقمي من خلال منصات التواصل لمنتجات نفس المشروع وتم تأهيلهن ضمن نفس البرنامج لإدارة المشروع وضمان استمراريته.
مشروع تمكين السيدات
قمنا بتصميم مشروع أسميناه مشروع مستحضرات التجميل وقد تم اختياره وتمويله من الاتحاد الأوروبي ضمن برنامج "انضمام JOinUP" أحد برامج منظمة أوكسفام كأحد مشاريع المؤسسات المجتمعية التي تستهدف تمكين الفئات الأكثر هشاشة وقد تم تخصيص مشروعنا لتمكين السيدات.
وقد تم استهداف مشكلة وظاهرة موجودة وهي ظاهرة مستحضرات التجميل المصنّعة منزليًا وما يرافق هذه الظاهرة من مخاطر لعدم اتباع المتطلبات الإجبارية لتصنيع هذه المنتجات ضمن شروط الأمان والسلامة مع التركيز على المسائلة القانونية حيث أن هذه المنتجات لا يمكن ترخيصها.
وقد تم تصميم البرنامج باختيار ستين سيدة مهتمة أو تعمل في هذا المجال حيث تم تصميم نموذج لكل منهن بحيث تم الاتفاق على الأصناف المرغوبة بتركيبات مرخصة ليتم تصنيعها في مصانع حاصلة على شهادة الجودة وقد تم الاتفاق مع هؤلاء السيدات على نماذج بسيطة بحيث لا يشكل هذا النموذج عبئاً مادياً عليهن، وقد تم ربطهن بهذه المصانع وتنظيم عقود لحماية حقوقهن وفي الوقت نفسه تم تسجيل منتجاتهن بأسماء مؤسساتهن التجارية في المؤسسة العامة للغذاء والدواء.
أهمية الدورات في نجاج المشاريع
وفي المراحل الأخرى للمشروع، تم تنفيذ ما يزيد عن 25 جلسة تدريبية مجانية والعديد من الجلسات الاستشارية والتوجيهيه لتأهيل المشاركات في مجال مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة لتكون كل سيدة منهن خبيرة بهذا المجال، بالإضافة إلى إخضاعهن لدورات مجانية في إدارة المشاريع المنزلية والتسويقية لبناء الخطط التسويقية المناسبة لهن ليتمكن من إداره مشاريعهن بأنفسهن وبأقل التكاليف التسويقية، كما شاركن في دورات التسويق الرقمي التي ساعدتهن في عمل صفحات تسويقية باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي جميعها والبيع من خلالها بشكل مباشر كمتاجر إلكترونية.
أمّا بخصوص مجموعة التسويق فقد حضرت المشاركات جميع هذه الجلسات والدورات ليصبحن مستفيدات مؤهلات لتسويق هذه المنتجات عن طريق متاجرهن الإلكترونية.
توفّر فرص العمل
تمكّن المشروع من إقناع مجموعة كبيرة من السيدات عن التوقف عن التصنيع المنزلي ليصبحن صاحبات أسماء تجارية بمنتجات مرخصة، آمنه وفعّالة بشكل قانوني وإيجاد فرص عمل لأخريات من المستفيدات في مجال التسويق الرقمي. ونطمح لمساعدة المزيد من السيدات بهدف التأكيد على جودة الصناعات المحلية وفعاليتها التي لا تقل عن الصناعات الأجنبية وأهميتها في إيجاد فرص عمل لأكبر عدد ممكن ونتمنى أن تكون قصص نجاح هذه السيدات كرياديات نموذجاً يُحتذي به من قبل الغير لتحقيق أحلامهم والوصول لأهدافهم.
علماً أن المشروع أيضاً ساهم بشكل مباشر في دعم الصناعة المحلية حيث أن هذه المنتجات تم تصنيعها في مصانع محلية وهو ما كان له أثر في دعم المصانع في زيادة الطاقة التشغيلية في الظروف التي يمر بها بلدنا الحبيب اقتصادياً.