أطفال صعوبات التعلم
وفاء الحموي - الجامعة الأردنية
وُجِدنا في هذا الكون لإعمارِه، واختلافنا فيه سنّة كونيّة، كي ننتجَ الأفضل، وباختلافنا نصنعُ العالمَ الأجمل. في مقالي هذا، سأتحدّث عن إحدى فئات ذوي الاحتياجات الخاصة الأكثر شيوعًا؛ وهي فئة صعوبات التعلم.
من هم أطفال صعوبات التعلم؟
هم الأطفال الذين يعانون من صعوبة في العمليات التعلمية، من إدراك وفهم وتركيز، والقيام بالعمليات الحسابية، والقراءة والكتابة، أي بشكل عام القدرات الأكاديمية، وأيضًا القدرات المهاريّة.
ما الخصائص النفسية والسلوكية لهؤلاء الأطفال؟
في البداية، يجب التنويه إلى أن صعوبات التعلم هي فئة غير متجانسة، أي أنه قد يظهر لدى البعض مشكلات في القراءة، وبعضهم الآخر في الكتابة، أو الحساب، أو التهجئة.
كما أنها غير متجانسة لدى الفرد نفسه، فقد تجد طفلاً من صعوبات التعلّم يواجه مشكلة في القراءة، ولكن مستواه في الحساب يفوق سنّه.
خصائص هذه الحالة:
١) مشكلات الإدراك الحسي والإدراك البصري والحركي والتآزر:
بمعنى أنه يواجه مشكلة في تمييز وتذكّر الأشكال البصرية، وتمييز الكلمات المتشابهة في صوتها، ومشكلات في الجانب الحركي، وموازنة استخدام العضلات الدقيقة مع حاسة البصر، وهو ما يسمى بالتآزر البصري الحركي.
٢) المشكلات المعرفية وما وراء المعرفية والذاكرة:
يعني ذلك أنهم يواجهون مشكلة في الذاكرة العاملة، وتعتبر ذاكرتهم من النوع قصير المدى، بسبب فشلهم في استخدام الاستراتيجيات المعنية في الذاكرة، إضافة إلى أن ذاكرتهم غير منظّمة.
٣) المشكلات الاجتماعية الانفعالية:
وذلك بسبب ضعف الإدراك الاجتماعي لديهم، وهم يعانون من رفض الأقران لهم، والاستهزاء من الآخرين، والتوبيخ، ما يؤدي إلى تدني مفهوم الذات لديهم، وبالتالي الإصابة بالاكتئاب، أو الانتحار.
٤) المشكلات الدافعيّة:
فهم يعتقدون أن الظروف الخارجية المحيطة هي التي تسيطر على حياتهم، كما أنهم يميلون إلى الاستسلام وتوقّع الأسوأ؛ بسبب قناعتهم أنهم مهما حاولوا فإنّهم سيفشلون لا محالة.
٥) مشكلات في التحصيل.
٦) النشاط الزائد ومشكلات في الانتباه.
ما سبب صعوبات التعلم؟
لا يوجد حتّى الآن سبب رئيسي وواضح لصعوبات التعلّم، لذلك وُصفت بالمحيّرة، ويوجد مجموعة عوامل ممكن أن تكون سبباً لهذه الحالة، منها:
١) وراثية، واستخدمت هذه الدراسات منهجين أساسيين للنظر في هذه المسألة:
- دراسات وراثية.
- دراسات عائلية.
٢) العوامل الكيميائية السامة:
خصوصًا تناول الأم الحامل للكحول، أو الكوكايين، أو الرصاص، وتسبب جميع هذه المواد عدة مشكلات كالتلف الدماغي، أو مشكلات قلبية، أو نشاط زائد، أو مشكلات نمائية، أو مشكلات عصبية، وبالتالي ينتج عنها صعوبات التعلم.
٣) عوامل طبيَة، منها:
- الولادة المبكرة؛ لأنها تزيد من خطر إصابة الطفل بالخلل الوظيفي العصبي، وبالتالي الإصابة بصعوبات التعلم.
- السّكري، خاصة إذا أصيب الطفل قبل عمر الخامسة، قد يؤدي إلى مشكلات عصبية نفسية، وبالتالي صعوبات التعلّم.
- التهاب السحايا: وهو التهاب فيروسي أو بكتيري، ويؤدي إلى تلف في الدماغ، وإذا كان شديداً فإنّه يؤدي إلى إعاقة عقلية، أما إذا كان بسيطاً فيؤدي إلى صعوبات التعلم.
- توقّف القلب: وهي حالات نادرة الحدوث، لكن إذا حدثت تؤدي إلى نقص الأكسجين وبالتالي تلف في الدماغ.
- الإصابة بالإيدز، الذي يؤدي إلى التلف العصبي.
٤) عوامل بيئية، مباشرة وغير مباشرة.
يحتاج طفلَ صعوباتِ التّعلم إلى من يمدُّ له يد العون، كي يكون كالباقين مِن أقرانه، هو ليس منبوذًا ولا فاشلاً، هو يستطيعُ لكن بصعوبة، هو يحاول لكن الأمر شاقٌّ عليه. مساعدة منك هي التي تصنع التغيير، وتصنع منه شخصًا أفضلاً، وشخصًا قادراً.
تمت كتابة هذا المقال بالاستناد إلى كتاب "مدخل إلى التربية الخاصة" للمؤلف الدكتور جمال الخطيب وزملاؤه (بتصرّف).