هل ريادة الأعمال للأغنياء فقط؟

حسن الشامي- لطالما كانت ريادة الأعمال ناديًا حصريًا، وعندما انضممت إلى عالم الاستثمار كان هدفي هو جعل هذا النادي أكثر شمولًا، وتمكين رواد الأعمال الذين لا ينتمون إلى النخبة الثرية.

لكن اللافت للانتباه هو أن أكثر من 90% من الاستثمارات التي قمت بها كانت مع أولئك الذين يتمتعون بامتيازات كبيرة؛ ومن طبقة ثرية.

المستثمرون يميلون إلى العصاميّين بشكل مبدئي، فلماذا إذًا يستمرّ رأس المال في مطاردة الأغنياء؟

قد يفترض المرء أن لهذا الأمر علاقة بالتعليم والفرص وشبكات مؤسّسي الأعمال. ومع ذلك، إذا تأملنا في هذه الفكرة فإنها في الواقع تتلخص في شيء واحد، ألا وهو أن الأغنياء يمكنهم تحمّل تكلفة التجربة والفشل.

لفهم هذه المعضلة الاجتماعية والاقتصادية بشكل أفضل، نحتاج أولًا إلى النظر في سلسلة القيمة التجارية درجة المخاطر، مرحلة تلو الأخرى. نحن بحاجة إلى أن نفهم كيف يفكر المستثمرون.

للأغنياء فقط

يتلخّص عمل المستثمر في مهمة واحدة، هي إدارة المخاطر.

يرتفع معدل نجاحك كلما تقدمت في سلسلة القيمة

في أحسن الأحوال، يتراوح معدل نجاح مرحلة الفكرة ما بين 5% و7%*1. فمن الناحية الإحصائية، خمس إلى سبع أفكار ريادية فقط ستبصر النور من بين كل 100 فكرة ريادية جديدة تُطرح. ونظرًا لارتفاع مستوى المخاطرة، فإنّ معظم المستثمرين المؤسّسيين لا يشارك في هذه المرحلة. لذلك، عادةً ما تكون هذه المرحلة ذات طابع تطويري ودون دوافع تجارية.

إحصائيًا، يتم تمويل 77%*2 من رواد الأعمال من خلال مدخراتهم، و0.05%*2 فقط من الشركات الناشئة تجمع أموالًا من رأس المال المغامر – بينما يوفّر البقية تمويلهم بشكل أساسي من الأصدقاء والعائلة.

بعبارة أخرى، ما لم يكن لديك ادّخارات ضخمة أو أهل أثرياء، فمن غير المرجّح أن تحصل على فرصة لتمويل أفكار ريادية مختلفة واستكشافها لأنك لا تستطيع تحمل تكلفة الفشل.

و من الجدير بالذكر ، أن نسبة النجاح ترتفع إلى ما بين 10% و30%*3 بعد وصول المشروع التجاري إلى مرحلة الإيرادات، وتصبح فرصك أعلى بكثير لجذب المستثمرين المؤسّسيين.

لذا، فإن النصيحة الأساسية هنا هي الانتقال إلى مرحلة الإيرادات بأسرع ما يمكن وبأكثر طريقة اقتصادية ممكنة. وإذا صادف وحللت مشكلة على نطاق واسع عبر مشروعك، فسوف يسعى المستثمرون خلفك.

للأغنياء فقط

تقبل الفشل

من المثير للاهتمام أننا نعيش في عالم حيث الفشل موضع استياء في الفضاء الاستثماري، على الرغم من حقيقة أننا نتعرض للفشل بانتظام بينما نمضي في حياتنا اليومية - سواء في الوظائف أو المشاريع أو العلاقات، وما إلى ذلك.

العديد من رواد الأعمال الناجحين الذين قابلتهم قد حاولوا وفشلوا مرة واحدة على الأقل، بل أن أحد الأصدقاء المقربين يروي ممازحًا كيف قام والداه بتغطية تكاليف مشاريعه الثلاثة الأولى لإبقائه مشغولًا، حيث نجح فقط في مشروعه الرابع.

من الواضح أن الفشل يجعلنا أفضل، فرغم أنّك لن تصل إلى جميع الإجابات، إلا أنّك ستتعلم ما لا يجب عليك فعله (حتى أنّ مديري الصناديق يفضلون "مؤسّسي الشركات للمرة الثانية" كجزء من معايير الاختيار الخاصة بهم).

إلى جانب التشجيع على الفشل، بصفتنا بُناةً لهذه المنظومة، نحتاج أيضًا إلى تحسين الإحصائيات بما يتيح للمزيد من المستثمرين المشاركة – إذ أنّ معدل النجاح للأفكار المتراوح بين 5% و7% منخفض للغاية.

فما الذي يمكننا فعله؟

بناء المشاريع (Venture Building)

42%*4 من الشركات الناشئة تفشل بسبب نقص حاجة السوق.

على عكس مسرّعات وحاضنات الأعمال التقليدية، والتي تعمل مع رواد الأعمال لتطوير أفكارهم ومشاريعهم التجارية، فإن "منشئ المشاريع" هو عبارة عن مجموعة من الأشخاص الذين يتمتعون بالحكمة، يحددون فجوات السوق أولًا، ثم يشركون المؤسِّسين من أجل بناء المنتج. كذلك تساعد هذه المجموعة المشاريع في الوصول إلى مراحل المبيعات والإيرادات في أقرب وقت ممكن وتُعدُّها لجولة التمويل التالية.

المؤسسون في هذه الحالة، يتم تعويضهم مقابل وقتهم لإنجاح المشاريع الذي اقترحها منشئو المشاريع.

إن مجال بناء المشاريع في تنامٍ، وعلى عكس معظم مسرّعات وحاضنات الأعمال، فإنه يمكن لمؤسسات بناء المشاريع أن تكون مجدية تجاريًا، ويتم حاليًا ضخ المزيد من الأموال الخاصة في هذا القطاع الاستثماري.

سأقوم على الأرجح بتوضيح المزيد حول بناء المشاريع وكيف يمكن لمنشئي المنظومة تسريع هذا القطاع في مقال آخر. لكن في الوقت الحالي، إذا كنت تملك فكرة جيدة ولا تملك أبوين أثرياء، ما الذي تستطيع القيام به؟

افشل بأسرع ما يمكن وبأقلّ تكلفة ممكنة

  1. القاعدة رقم واحد هي فهم سلسلة القيمة التجارية.
  2. وضّح فكرتك على الورق. أفكارك تحتسب فقط عندما يتم تدوينها.
  3. عليك أن تفهم أن المشروع هو أكثر من مجرد منتج، وثمة الكثير من الموارد على الإنترنت، مثل موقعY Combinator *5 الذي يحتوي على مكتبة غنية (مرفقة أدناه)، لكي تستعد وتحسن الاستعداد.
  4. ادرس السوق بعناية؛ فالمستثمرون يُقبلون فقط على الشراكة مع المؤسّسين الذين يعرفون سوقهم أفضل منهم.
  5. قم بالبيع قبل التصنيع، بمعنى أنّ عليك بناء نموذج مبدئي للمنتج والتوجّه إلى السوق في أقرب وقت ممكن. فإذا كان مشروعك في مجال الأجهزة، قم ببناء نموذج أولي. أما إذا كنت تعمل في البرمجيات، فأنشئ صفحة بدء. من خلال طرح النموذج، فإنك تكتفي بإنشاء ما يتيح لك لفت انتباه العملاء، ومن ثمّ البيع المسبق لهم لتمويل بناء المنتج. إذا كان هذا النهج جيدًا بما يكفي لإيلون ماسك*6 - فهو بالتأكيد جيد بما يكفي لك. الفكرة من ذلك هي توليد الإيرادات وتقليل المخاطر التجارية في أسرع وقت ممكن.
  6. افشل بأسرع ما يمكن وبأقلّ التكاليف؛ لا تنفق أكثر من بضع مئات من الدولارات لإنشاء نموذج مبدئي للمنتج. وإذا عجزت عن البيع المسبق لمنتجك، فمن المحتمل أنه لا يناسب السوق ولا يقدّم حلًا لمشكلة حقيقية. وفي هذه الحال، دعك منه وكرّر المحاولة.
  7. إذا كنت في الأردن، تواصل مع أويسيس500*7 وFlat6labs *8 – فكلتا هاتين الحاضنتين تغطيان مرحلة الفكرة.
  8. وأخيرًا - وليس آخرًا بكلّ تأكيد - لا تستسلم أبدًا!
umniah 5g banner

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *