الذكاء الاصطناعي التوليدي واتجاهات سوق العمل
الذكاء الاصطناعي التوليدي سيلعب دوراً حاسماً في اتّجاهات الوظائف وسوق العمل خلال الفترة القليلة المقبلة بحسب الدّراسات الحديثة.
وفي الوقت الذي قد يكون فيه دور الذكاء الاصطناعي التوليدي فاعلاً في زيادة الإنتاجية وتحسين مخرجات العمل، لا زالت هناك مخاوف من تحديات سوق العمل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي والتي قد تشمل الاستغناء عن البشر.
قد يبقى هذا الجدل دائراً إلا أنّ اتّجاهات سوق العمل والذكاء الاصطناعي قد تشهد تغييرات جذرية سيتعيّن على الموظّفين والشّركات الوعي بها للّحاق بركب المستقبل.
كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي التوليدي المشهد في سوق العمل؟
أهمّ ملامح التّغييرات المتوقّعة في سوق العمل
أظهر استطلاع حديث استهدف العاملين في مجال البيانات دور الذكاء الاصطناعي التوليدي المتعاظم في أدائهم لأعمالهم منذ انتشار هذه التّقنيات الحديثة على نطاق واسع.
وبحسب الدّراسة فإنّ سوق العمل والذكاء الاصطناعي أصبحا مترابطين بصورة كبيرة حيث إنّ 76% من المستطلعة آراؤهم أشاروا إلى أنّهم يستخدمون أدوات الذّكاء الاصطناعي لزيادة إنتاجيّتهم.
وعلى الرّغم من تحديات سوق العمل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي والتي يتخوّف منها كثيرون، إلا أنّ الدّراسة أظهرت بأنّ الإنتاجية ارتفعت بنسبة 168% لدى الاستعانة بأنظمة الذكاء الاصطناعي.
وتشمل المهامّ التي يستعين الموظّفون بأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي لأدائها تحليل النّصوص، وإنشاء الوثائق، ومعالجة البيانات الأوليّة.
بناء على كلّ ذلك، سيغيّر الذكاء الاصطناعي التوليدي المشهد بصورة جذرية في سوق العمل من خلال أتمتة المهام المتكرّرة وتعزيز التّفكير الاستراتيجي وتوسيع نطاق الآفاق الإبداعية.
ويتطلّب كلّ ذلك تعزيز مهارات القوى العاملة لمواكبة الاتّجاهات المستقبلية والتّقنيات الحديثة، كما يتعيّن على الشّركات استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحديد الثّغرات التي قد تعيق المواهب من اللّحاق بركب المستقبل وبالتّالي تنفيذ البرامج التّدريبية الهادفة لتطوير مهارات الموظّفين في هذا المجال.
وأظهر تقرير نشره المنتدى الاقتصادي العالمي في أيّار الماضي عن حالة “مستقبل الوظائف” أن ربع الوظائف الحالية، أي نحو 23 في المئة، ستشهد تغييرات عميقة في السنوات الخمس المقبلة.
وكانت منظّمة العمل الدّولية قد أصدرت تقريراً حول الطّريقة التي سيغيّر بها الذّكاء الاصطناعي من المشهد في سوق العمل تحت عنوان “الذكاء الاصطناعى التوليدي والوظائف: تحليل عالمي للتّأثيرات المحتملة على كمّية الوظائف ونوعيتها ” وتضمّنت أبرز ملامح التّغييرات كلّاً ممّا يلي:
1- سيكون للذكاء الاصطناعي التوليدي تأثير كبير في سوق العمل إلا أنّها ستختلف بحسب البلد ونوع الوظيفة.
2- فى البلدان ذات الدّخل المرتفع، سيسهم الذّكاء الاصطناعي في أتمتة الأعمال المكتبية وكذلك بعض أنواع العمل المعرفي البسيط ما قد يعني الاستغناء عن العاملين فى تلك المجالات.
3- فى البلدان ذات الدّخل المنخفض لن يكون تأثير الذّكاء الاصطناعي كبيراً وذلك لأسباب مرتبطة بارتفاع تكلفة تلك الأنظمة واحتياجها إلى بنية تكنولوجية قوية ومستقرّة.
4- سيكون للذّكاء الاصطناعي جانب إيجابي في مجال وظائف المستقبل المرتبطة بتطوير الأنظمة وعلوم تحليل البيانات.
5- أصبح من الضّروري أن يتمّ إصدار مواثيق وتشريعات لاستخدام أنظمة الذّكاء الاصطناعي لذلك من الضّروري أن يبدأ الجميع بالعمل في هذا المجال.
مخاوف قديمة جديدة
مع كلّ حديث عن دور الذكاء الاصطناعي التوليدي تتجدّد المخاوف حول إمكانيّة أن تؤدّي هذه التّقنيات الحديثة إلى الاستغناء عن البشر.
قد يكون لهذه المخاوف ما يبرّرها، حيث إنّ التطوّر المتسارع في الوظائف الخاصّة بخدمة العملاء أدّت إلى تقلّص الدّور الذي يقوم به موظّفو خدمة العملاء لصالح الأنظمة الجديدة والحديثة ما يعني تغييرات متوقعة في سوق العمل والذكاء الاصطناعي.
فبحسب دراسات حديثة بلغت نسبة المشكلات البسيطة التي أسهمت الأنظمة في حلّها بين 60% إلى 80% فيما بلغت نسبة المشكلات المعقّدة 20% إلى 40%.
كما تشير بعض الدّراسات الخاصّة باتّجاهات الوظائف إلى أنّ وظائف مثل السّكرتارية أو حجز الخدمات وغيرها قد تؤدّيها الأنظمة الحديثة بدلاً من البشر وهي من أبرز تحديات سوق العمل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي.
على الرّغم من كلّ ذلك سيكون التّعاون وتعزيز القدرات كلمة السرّ لتذليل تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي لصالح البشر لتكون معادلة العمل المشترك بديلاً لمعادلة الاستغناء.
لهذا الطّرح الأكثر منطقية ما يدعمه حيث يشير تقرير منظّمة العمل الدّولية المذكور إلى أنّه من المتوقّع أن يكون الذكاء الاصطناعي التوليدي مساعداً ومعزّزاً للعمل في 427 مليون وظيفة، منها 246 مليون وظيفة يقوم بها الذّكور، في مقابل 181 مليون وظيفة تقوم بها الإناث.