ما القصّة وراء الصّورة التي اجتاحت العالم؟ 

وفي ظل هذا الوضع المأساوي والعدوان المستمر منذ أشهر على غزّة، بدأت شعوب العالم تدرك حجم المعاناة بفضل وسائل الإعلام الشعبية ووسائل التواصل الاجتماعي التي تنقل صوراً حية وشهادات مؤثرة، مما كشف الحقيقة وحفّز التضامن الدولي. وكان اجتياح رفح، الشّرارة التي أجّجت هذا التضامن وأثارت ردود أفعال شديدة من شعوب العالم، خصوصاً مع الحركات المنظّمة التي بدأها طلاب الجامعات، مثل جامعة كولومبيا الأمريكية، والتي لا تزال مستمرة حتى الآن. 

صورة وحّدت العالم 

كل العيون على رفح

“كل العيون على رفح” صورةٌ حقّقت أعداد إعادة نشر هائلة وصلت لعشرات الملايين خلال أيّام، لتعبّر عن التضامن العالميّ مع الشعب الفلسطيني بشكل غير مسبوق. ولم تكن هذه الصّورة مجرّد صورة عادية؛ بل إنّها رمز لصوت إنساني يطالب بالعدالة والتضامن مع غزة في وقتٍ عمل الكيان خلاله على اجتياح رفح التي يقطنها حالياً أكثر من مليون ونصف إنسان بعد موجة النّزوح من شمال القطاع. 

ما القصّة وراء الصّورة؟ 

تم توليد هذه الصورة باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، حيث تظهر تجمعاً هائلاً من الخيام في قطاع غزة المدمر، وفي وسط الصورة، كُتبت عبارة باللغة الإنجليزية “ALL EYES ON RAFAH”، مما يعكس التركيز العالمي على هذه المنطقة التي تعاني من أزمات إنسانية متفاقمة. يعود أصل العبارة “كلّ العيون على رفح” إلى تصريح سابق لريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحّة العالمية في غزة والضفة الغربيّة، فبينما كانت غزّة تستعد لمواجهة تمديد الغزو البري الإسرائيلي في شهر فبراير/شباط وبوادر لاجتياح رفح، صرح بيبركورن: “كلّ العيون على رفح”. هذه الكلمات أثّرت بشكل كبير وألهمت صانع الصورة لنقل هذه الرسالة القويّة بصرياً ومعنويّاً. 

تصفح اسرع عروض الانترنت في الاردن

تأثير عالمي وخداعٌ ذكي 

أمّا أكثر ما ميّز هذه الصّورة، فلم يكن العدد الهائل لإعادة نشرها فحسب، بل أنّ الذكاء الاصطناعي الذي أنشأها استطاع أن يخدع خوارزميات ميتا المنحازة بوضوح إلى جانب الكيان، فلم يتعرّف عليها منذ البداية، ولم يقم بتقييد وصولها كما يفعل دائماً بأي محتوىً حقيقيّ يلقى انتشاراً وصدىً عالمي، فانتشرت الصّورة كالنار في الهشيم، وأحدثت تأثيراً ضخماً، ممّا أدّى إلى زيادة الوعي حول الوضع الإنساني في غزة ورفح. 

دعم المشاهير 

من أبرز العوامل التي ساهمت في انتشار الصّورة هو دعم العديد من المشاهير حول العالم، حيث قام النّجم بريدجيرتون نيكولا كوغلان والمغني وكاتب الأغاني كيلاني وأحد كبار الممثلين في الهند، فارون دهاوان، بنشر الصورة على حساباتهم الشخصية. كما شاركت نجمة البوب الشهيرة دوا ليبا منشورات تتضمّن عبارة “كل العيون على رفح”، إلى جانب العديد من المشاهير الآخرين أبرزهم لاعبين حاليين وسابقين لكرة القدم وغيرها من الرياضات. هذا الدعم الواسع من المشاهير ساعد في تعزيز الرسالة وزيادة وصولها إلى جماهير مختلفة حول العالم. 

أهمّية التضامن العالمي 

تعكس هذه الصورة والانتشار الواسع لها أهميّة التضامن العالمي مع القضايا الإنسانيّة، فعندما يتّحد العالم ليضع تركيزه على منطقة معينة تعاني من الأزمات، يمكن أن يساهم ذلك في دفع الجهود الإغاثيّة والسياسيّة لتحقيق العدالة. كما أنّ التضامن الشعبي العالمي يعكس قوة الرأي العام وقدرته على التأثير في السياسات الرّسميّة التي أثبتت أنّها “تغني على ليلاها” بعيداً عن إرادة شعوبها. 

اجتياح رفح بعيون عالميّة 

إن صورة “كلّ العيون على رفح” لم تكن مجرّد صورة تثير العواطف، بل هي دعوة إلى العمل والتضامن مع الشعب الفلسطيني، والانتشار الهائل لها يعكس رغبة الملايين حول العالم في رؤية العدالة والسلام في غزة ورفح وفي كلّ مكان يعاني الظّلم والقهر. إنّها تذكير بأن الإنسانية لا تعرف حدوداً، وأنّ العدل والحريّة هما قيمتان أساسيّتان لحياة البشر، كالخبز والماء، وأحياناً أكثر أهميّة أيضاً. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *