مدرسة بنات الروابي في جزئه الثاني.. يدٌ على الجرح!

تجربة “استثنائية” أطلقتها قبل سنوات قليلة “تيما الشوملي” مخرجة العمل، وبالتعاون مع منصة “نتفليكس” العالمية، أثارت خلالها الكثير من الجدل، وبين مدحٍ للمواهب والطّرح والإخراج، وبين انتقادات للمواضيع المطروحة، وحتى “اللغة المستخدمة” وغيرها مضى العمل وصولاً لإطلاق الجزء الثاني من مدرسة الروابي.

والآن وبعد انطلاق الحلقات الست الجديدة، تقدّم “الشوملي” من خلالها قضايا هامّة تحدث كل يوم في مجتمعنا، كان ينقصها فقط من يمتلك “الجرأة” لعرضها مباشرة دون مداهنة، وهو ما نراه في هذا الجزء من العمل الفنّي الأردني الذي بين أيدينا.

بنات الروابي والواقعية مجتمعية

مدرسة الروابي

لعلّ أكثر ما يجذب المشاهدين لعمل فنّي مثل “مدرسة الروابي“، واقعيته، وذلك في “الحدّين” المخالف والمشجع، وحتّى أنه يمكننا لمس التسليم بالواقعية ضمن آراء المنتقدين للعمل. التنمّر، وكيف تتناوله الشوملي في الجزء الثاني كان عنواناً عريضاً للقصّة، وكيف أنّ له تأثير عميق في نفوس “الضحايا”. والذكاء هنا، هو عرض النواحي الشخصية للجهتين، المهاجمة والمتلقية بأسلوب سلس، وفي سياق منظّم ومحكم.

أمّا العنوان الآخر، والذي يدق المسلسل من خلاله ناقوس الخطر، هو “الابتزاز الإلكتروني“، وكيف أنّ قلّة الوعي والرّقابة لربما، تؤدّي لنتائج لا تمحى آثارها بسهولة، وعن مدى انتشارها في الأوساط المجتمعية بغض النّظر عن الطبقة الاجتماعية أو المستوى المعيشي عموماً. وهنا، بدأ النجاح بالعرض “الواقعي” لمشكلات ملموسة، وبجرأة لم نعتد عليها في الأعمال الدرامية المحلّية، بما يُطلق نداءً آخر هام، وهو “محاولة التغاضي عن الواقع لن يغير فيه شيئاً”.

كما يمكنك متابعة احدث الأعمال الفنية والرياضية من خلال اشتراكات تود

مسلسل مدرسة الروابي الجزء الثاني “التقليد والقدوة”

بعد بحث مطوّل لتغطية أهم آراء النّقاد، وجدنا العديد من الآراء النّقدية المختصّة، بعضها وصف القصّة والتأثير “بالتقليد والقدوة”، واعتبروه ملخّصاً للأصداء التي تدور في أذهان الفتيات في مرحلة ما من حياتهن، ومدى تأثّرهنّ بالمشاهير والممثّلات، وتقليدهنّ في كثير من التّصرفات، مثل طريقة اللبس والتعامل مع الآخرين وغيرها.

وبيّنت آراء نقدية أخرى أنّ الحساسيّة تكمن في عدم إدراك الفتيات بعمر معين لكافة جوانب الشخصيات، مثل الإعجاب بالشهرة والأضواء، دون الاكتراث إلى صعوبة التأقلم مع هذه الحياة “الشهرة” وصعوبة تحمّل جوانبها الأخرى! هنا، نشير إلى أهمية هذا الطّرح الذي يلخص التأثير الكبير للأعمال الفنية عموماً، والتي تستهدف فئة عمرية “حسّاسة” كالتي نراها في الروابي الجزء الثاني، والأوّل أيضاً! وهذا ما يفسر الاهتمام الكبير، والجدل لربما.

الروابي الجزء الثاني “تقسيمة مختصة”

ومن خلال متابعة آراء وتعليقات أخرى، وجدنا أنّ التقييم لحلقات الروابي 2 يميل إلى التقليل من “نضوج” الحلقات الثلاث الأولى، مع تفضيل الحلقات الثلاث الأخيرة على اعتبار أنّها أكثر إتقاناً والتزاماً بالإرث القادم من الجزء الأوّل.

بحكم عام، عبر هذه التقسيمة، وغيرها من آراء النقّاد، نعتبر أنّ العمل نجح في تجاوز عقبات النّقد “الهدّامة” أحياناً، وحقّق فعلاً علامة جيدة في المقياس النقدي.

مدرسة الروابي  بين المخملية ومجاراتها!

فكرة ليست جديدة بالعموم، إلّا أنها واقعية في مجتمعنا هنا، وهي الطبقة المخمليّة التي ينتمي إليها البعض، ومحاولة آخرين مجاراتها على الرغم من “عقبة” الإمكانات الماديّة، وصعوبة تحقيق كل مستويات أسلوب الحياة الرّفيع. في الموسم الثاني، يستعرض مدرسة الروابي حياة عدة فتيات، بعضهن ينتمين إلى الطبقة الاجتماعية الراقية في الأردن، في حين يحاول بعضهن الآخر محاكاة هذه الطّبقة والتقرّب منها بأي وسيلة ممكنة. يتناول العرض الصّراع الطبقي بشكل متعدد الأوجه، حيث تظهر الديناميّات العائلية كمحور أساسي لتفسير تصرفات الشخصيّات. على سبيل المثال، يُسلط الضوء على الوضع العائلي لشخصية “سارة” التي تنتمي إلى عائلة متوسطة الحال، حيث تتمحور حياتها وتصرفاتها بشكل كبير حول تأثير أسرتها عليها. تظهر العلاقات الفرديّة والجماعية داخل الأسرة بشكل واضح، حيث يتم تجسيدها من خلال تفاعلات الأفراد في المنزل، ويُظهر العرض كيف أن تلك الديناميّات تلعب دوراً أساسياً في تشكيل هويّاتهم وتوجهاتهم المستقبليّة، وكيف ينعكس ذلك على تفاعلاتهم في المدرسة وفي حياتهم اليوميّة.

مخرجة مسلسل مدرسة الروابي تتكلّم

خلال لقاء مع مخرجة العمل “تيما الشوملي” على موقع إي تي بالعربي، تحدثت في البداية عن استجابة المتابعين للفيديو التشويقي وتعبيرها عن “المفاجأة” بتغيير في طاقم العمل، مشيرة إلى أنّها كانت تتوقع ردود فعل من هذا القبيل، حيث يعكس ذلك مدى تفاعل الجمهور مع شخصيّات المسلسل ومدى ارتباطهم بها. وأشارت إلى أن هذا الرد يعكس مدى نجاح الشخصيّات التي تم تقديمها في الموسم الأوّل وقبولها من الجمهور. وأضافت الشوملي أنها واثقة من أن الجمهور سيتفاعل بنفس القدر مع شخصيات الموسم الثاني، بناءً على النجاح الذي حققته الشخصيات في الموسم الأول وتعلّق الجمهور بها. وفيما يتعلق بعملية اختيار الطاقم الجديد، أوضحت أنها قامت بتوجيه الاختيارات بعناية فائقة، مع الاستمرار في الحفاظ على بعض الوجوه المألوفة من الموسم الأوّل. وأشارت إلى أن عملية اختيار الطاقم تعتبر من بين أهم الجوانب في صناعة المسلسل، حيث تعكس تلك الشخصيات تنوعاً وتوجهات مختلفة في التمثيل، ما يساعد في تقديم شخصيات متنوعة وجذابة للجمهور، مع الحفاظ على جوهر وروح المسلسل التي جذبت الجمهور في الموسم الأول.

ردة الفعل تجاه الانتقادات

عبّرت تيما الشوملي عن تقديرها للطريقة التي فتح بها مسلسل مدرسة الروابي مجالاً للحوار في الموسم الأول، مؤكدة على أهمية هذا النقاش وتأثيره الإيجابي. ترى أن الفن يجب أن يثير الجدل بطريقة إيجابية، وتعتبر أن الحوار الذي نشأ بين الناس حول القصة في الموسم الأول يعكس نجاح المسلسل في تحقيق هذا الهدف. ووضّحت أن المسلسل في الموسم الثاني يطرح أسئلة جديدة ومهمة، تستحق النقاش والتفكير، ما يشجع الجمهور على فتح هذا النوع من الحوارات.

مدرسة الروابي في أرقام

ليس هناك أبلغ من لغة الأرقام في قياس نجاح العمل من عدمه، وهنا نقدّم بعض الأرقام التي استطعنا الحصول عليها، والتي تمثّل إحصائيات مختلفة حول مدرسة الروابي:

  • حظي المسلسل بنجاح كبير على نتفليكس، حيث تمت مشاهدته في أكثر من 190 دولة حول العالم.
  • تمت ترجمة المسلسل إلى 32 لغة.

مسلسل مدرسة الروابي “لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع”

كثيراً ما تسعفنا لغتنا العربية الغنية والجميلة بالأمثال والعبر، وحتّى المصطلحات الوصفية، فهذا المثل يعبّر بصدق عن “حالة” متكاملة من الجدل الذي أحدثه العمل الفنّي، وبالدمج بين المثل، وتعليق الشوملي أنّها سعيدة بفتح آفاق جديدة للحوار حوله، نرى أن مسلسل مدرسة الروابي الجزء الثاني لم يخذلنا في جدله وأحداثه وتأثيره، وبعيداً عن المدح والقدح، نرى أنّ كلّ ما يشير إلى القدرات الأردنية، إخراجياً وفنياً، وحتى في الرواية والسّرد، هو مؤشّر إيجابي، لا يقل أهميّة عن أي حملة ترويج لمكان سياحي، أو فرصٍ استثمارية.

ختاماً، ولتقريب المعنى الذي أشرنا إليه في الخاتمة حول المؤشّر الإيجابي، هل تذكر عزيز القارىء أغنية despacito، التي حطّمت كل الأرقام القياسية العالمية! هل تعلم أنّها لعبت دوراً محورياً في ارتفاع إيرادات قطاع السياحة في جزيرة “بورتوريكو” بعد أن شهدت إقبالا كبيراً من قبل السياح، بسبب أغنية! قس على ذلك بعين أكثر وسعاً، واعلم أنّ كل عمل أو مبادرة أو نجاح فردي وجماعي، يخبّىء في طيّاته خدمة لقطاع أوسع محلياً، ولربما عربياً أيضاً.

هذا كان رأينا، فما رأيك أنت عزيزي القارىْ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *