إنترنت الأشياء عالم بين الواقع والخيال

لم يكن يخطر ببال مهندسي جامعة كارنيجي ميلون، أن تعديل ماكينة كوكاكولا عام 1982، لتكون متصلة بالإنترنت، وتخبر المستخدمين عما إذا كانت المشروبات الموجودة فيها باردة أم لا، سيفتح المجال واسعا لصناعة يقدّر حجم سوقها بعد أربعة عقود بـ 2.4 تريليون دولار، وفق مؤسسة بيزنيس إنسايدر.

فـ "إنترنت الأشياء"، هذا المصطلح الواسع القائم على التفاهم بين الأجهزة المترابطة مع بعضها عبر الإنترنت، بات علماً قائماً بحد ذاته، لكن ينقصه المعلمون والتخصصات الأكاديمية التي تغطي جوانبه.

في هذا التقرير، سنتناول إنترنت الأشياء، من حيث المفهوم والوظائف والمهارات التي يوفرها، وسبل الغوص أكثر في تفاصيل هذا العلم الحديث والصاعد بقوة.

ما هو إنترنت الأشياء؟

لا يوجد تعريف واحد لإنترنت الأشياء، رغم الجهود التي بذلت لتحديد تعريف واحد له. لكن، يمكن إجمال التعريفات جميعها، بأنه مفهوم جديد لشبكة الإنترنت، بحيث يتم ربط أجهزة ببعضها عبر بروتوكول الإنترنت، ما يتيح لشخص ما التحكم في الأدوات دون الحاجة للتواجد في مكان محدد.

الأشياء تعني الأشياء

عندما يذكر مصطلح انترنت الأشياء، يتبادر إلى الذهن جهاز حاسوب، أو مختبر تقني، ولوحات تحكّم ذكية وغيرها من معالم العالم الرقمي.

لكن الواقع غير ذلك، فالمصطلح يعني تماماً، إنترنت الأشياء، بمعنى أنه يمكن استخدام تطبيقاته في كل شيء.

هل يخطر ببالك مثلا أن تتم مراقبة الوضع الصحي للأبقار، عن طريق ربط أجسادها بأجهزة تقيس خصوبتها وبعض الهرمونات المفرزة فيها لتحديد الوقت المناسب لحلبها، للحصول على أعلى كمية ممكنة من الحليب؟

نعم، مثل هذا وأكثر، يمكن ربط الأشياء، كل الأشياء في المنزل في المصنع في المستشفى في الشارع في الصحراء والتحكم فيها لتحقيق منافع صحية أو اقتصادية أو بيئية أو تنظيمية وغيرها الكثير.

إنترنت الأشياء.. كيف يعمل؟

يشير موقع مبادرة ناسا بالعربي، أن انترنت الأشياء يتضمن كلَّ الأجهزة التي تستطيع العمل على شبكة الإنترنت والتي بإمكانها جمعُ وإرسالُ ومعالجة البيانات التي تلتقطها من بيئتها المحيطة مستخدمةً لذلك حساساتٍ مضمنة ومعالجاتٍ بالإضافة إلى وسائط اتصالٍ، وتُدعى غالباً بالأجهزة المتصلة أو الذكية لأنها تستطيع التواصل مع الأجهزة الأخرى المرتبطة بها بعمليةٍ تُعرف باتصال آلةٍ بآلةٍ machine-to-machine (M2M)، والتفاعل مع المعلومات التي تُجلب من الجهاز الآخر.

ويستطيع البشر التفاعل معها لتهيئتها وإعطائها تعليماتٍ أو الوصول إلى البيانات، ولكنها تقوم بمعظم عملها دون تدخلٍ بشريٍّ.

هذا باختصار آلية عمل إنترنت الأشياء، وقد ساعد انتشار الأجهزة الذكية، وانتشار شبكات الإنترنت في جعل الحلم الذي يراود الأجيال السابقة، إلى واقع ملموس، يستفاد منه في كافة مناحي الحياة.

أصبح وجود مثل هذه الأجهزة ممكنًا بفضل جميع عناصر الهاتف الذكي الصغيرة المتوفرة بكثرةٍ هذه الأيام بالإضافة إلى كون الاتصال الدائم بالإنترنت هو الحالةُ الافتراضية لشبكاتنا المنزلية أو شبكات العمل.

إنترنت الأشياء بالأرقام

يقدّر تقرير صادر عن جمعية جي أس أم آي المعنية بالاتصالات أن عالم إنترنت الأشياء بلغ 12 مليار جهاز متصل في العام 2019.

وتوقع التقرير أن يصل لـ 25 مليار جهاز متصل في العام 2025 ارتفاعًا من 10.3 مليار جهاز في عام 2018، وبحيث تكون الشركات من أكثر المستفيدين بحلول العام 2024.

كما توقع أن تصل العوائد منه لحوالي 1.1 تريليون دولار في 2025.

فرص هائلة بلا تخصص

رغم الفرص الهائلة التي يتيحها إنترنت الأشياء، بالنسبة للشركات في مختلف القطاعات، من وفورات أو تحسّن في الإيرادات، وللأفراد في إيجاد فرص عمل في مجال حديث العهد نسبياً، إلا أنه حتى الآن لا توجد درجة جامعية متخصصة ومستقلة تماما في هذا المجال.

فإنترنت الأشياء اليوم يشكل فرصة ملائمة لطلاب الهندسة في التوسع فيه، إلى جانب الخريجين ممن يمتلكون فهما أساسيا في مجالات الإلكترونيات والمعالجات الدقيقة.

ويشير موقع فرصة المتخصص في توفير فرص تعليمية وتدريبية، إلى أنه ورغم عدم تواجد تخصص إنترنت الأشياء في الجامعات، إلا أن هناك العديد من دورات الإنترنت التدريبية المجانية والمدفوعة التي تقدم معلومة وافية في هذا المجال.

ويوضح الموقع أن راتب الموظف سنوياً في إنترنت الأشياء يتراوح ما بين 47 ألف دولار إلى 185 ألف دولار في الولايات المتحدة الأميركية.

مما سبق، نلحظ أهمية هذا التخصص، والاستفادة من الفرص الهائلة التي يوفّرها وسيوفرها مستقبلا، فهل تطمح براتب 185 ألف دولار سنويا؟ إذا كنت كذلك، فعليك بالتدريب ثم التدريب ثم التدريب على انترنت الأشياء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *