ولادة وطن العز والشهامة.. مرحلة تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية
في اليوم الثاني من شهر آذار من العام 1921، وصل الأمير عبدالله بن الحسين من معان إلى عمان وسط ترحيب أهلها، لتبدأ بذلك المرحلة الأولى من مراحل تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية. لقد شهد ذلك اليوم ولادة وطن النخوة والعز والشهامة، ونشأة بلد نعتز به ونفاخر العالم أجمع به.
كانت مرحلة التأسيس حافلة بالإنجازات ومليئة بالنجاحات، على الرغم من جميع الصعوبات والتحديات التي كانت تحيط بالأردن من كل جانب، فقد عمل الأردنيون والهاشميون جنباً إلى جنب على رفع مستوى الوطن على كافة الأصعدة وفي مختلف المجالات، وبجميع ما لديهم من إمكانات.
لقد خطى الأردن منذ لحظة تأسيسه خطوات ثابتة نحو النمو والتطور، وفي هذه المقالة نشارككم جزءاً صغيراً ومتواضعاً من أبرز ما حققه الأردن والأردنيون في الفترة الواقعة ما بين العام 1921 والعام 1970.

بدء حقبة الثقافة والتعليم
وضع الملك عبدالله بن الحسين حجر الأساس الأول في مبنى مدرسة السلط الثانوية في العام 1923، ليتم بعدها افتتاح المدرسة في العام 1925 كأول مدرسة في تاريخ الأردن، والتي لعبت دوراً بارزاً في تخريج صنّاع القرار، وأبرز رجال الدولة ممن تولوا مناصب رفيعة وساهموا في تشكيل الأردن الذي نعرفه اليوم.
بدأت مدرسة السلط الثانوية مسيرتها مع 17 غرفة للتدريس والإدارة، وخرّجت في عامها الأول أربعة طلاب فقط، في حين خرّجت في العام الثاني ثلاثة طلاب. وعلى الرغم من الأسماء الكثيرة التي أُطلقت عليها على مدار السنين، إلا أن أكثر الأسماء الذي عكس مجدها ومكانتها هو لقب "أم المدارس"، الذي أطلقه عليها خريجها الشاعر الراحل حسني فريز.
لم تقتصر إنجازات المدرسة على الأفواج الكثيرة التي تخرجت منها، ولا على العظماء من طلابها، بل أيضاً تأسست فيها أول مكتبة مدرسية في الأردن في العام 1925.
بدايات الرعاية الصحية في الأردن
بدأ الاهتمام بالقطاع الصحي في الأردن منذ تاريخ تأسيسه ليتطوّرعاماً بعد عام، إذ لم يحظى السكان قبل ذلك بخدمات صحية تذكر. في العام 1922، تأسس المستشفى البلدي وهو أول مستشفى حكومي في الأردن، وتلاه في العام 1926 إصدار مجموعة من القوانين الصحية ومنها؛ تحديد الأمراض السارية، ووجوب التطعيم ضد الجدري، وقانون ترخيص المهن الطبية، وغيرها الكثير. وفي العام نفسه، تم تأسيس مستشفى عمان وبلغت سعته 20 سريراً، كما تم تأسيس أول جمعية للرفق بالحيوان.
أما في العام 1927، تم إنشاء أول مختبر للتحاليل الطبية في شرقي الأردن في معان، في حين تم تأسيس أول مختبر في عمان في العام 1940. وتابع القطاع الصحي التوسع والتطور في ما يقدمه من خدمات وجهات طبية، حتى وصل عدد المستشفيات في العام 1946 إلى 7 مستشفيات في عمان.
استقلال المملكة وما تلاها من إنجازات
"إن من حقّ الأردن أن يبتهج"- الملك المؤسس عبدالله بن الحسين
لا شك أن تاريخ 25 أيار من العام 1946 هو واحد من أبرز التواريخ التي يحتفل بها الأردن والأردنيون كل عام، والذي كان له دور محوري في مسيرة أردن العز والنشامى، فهو التاريخ الذي استقل فيها ليصبح المملكة الأردنية الهاشمية، وليعلن البرلمان حينها عبدالله بن الحسين ملكاً لها.
ما أن أصبحت المملكة الأردنية الهاشمية دولة مستقلة، حتى انتعش الأردنيون وزاد حماسهم لتسخير كافة جهودهم وكفاءاتهم في سبيل نمو وطنهم وازدهاره. ففي العام 1948، تأسست نقابة المهندسين الأردنيين، وفي العام 1954، تأسست نقابة الأطباء الأردنية، وتلى ذلك تأسيس عدد كبير من النقابات في الأعوام اللاحقة.
وبعد إصدار تشريع السياحة للمرة الأولى في العام 1960، بدأ القطاع السياحي بالتشكل، والذي تتوَج بتأسيس شركة الخطوط الجويّة الملكيّة في العام 1963. أما على صعيد القطاع الإعلامي، فلقد شهد تطوراً ملحوظاً في زمن قياسي، بدءاً بافتتاح إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية في العام 1959، وصدور أول صحيفة أردنية يومية "جريدة الدستور" في ال67، وأول قناة فضائية وأرضية أردنية "التلفزيون الأردني" في عام 1968، وما تبع ذلك من نهضة إعلامية مرئية ومسموعة ومطبوعة.
مرحلة ما بعد التأسيس ونهضة الأردن
ومما لا ريب فيه، أن الفترة التي تلت العام 1970، في عهد الملك الحسين بن طلال- باني نهضة الأردن، كانت مرحلة انتقالية في مسيرة العز والإنجازات، فما عاد الأردن وطناً ناشئاً قيد التأسيس، بل زاد ألقاً وتطوراً وحداثة. وما بات بلداً بإمكانات محدودة، بل بلداً يشار إليه من باقي الدول بما حققه من إنجازات وضعته على خارطة العالم.
وللحكاية بقيّة... فما هذه إلا السطور الأولى من تاريخ وطن عظيم وشعب طموح.