محطّات بارزة خطّها الأردن من السبعينات إلى التسعينات
لم يملّ الزمن من سرد حكاية الأردن على مرّ السنوات، ولم تكلّ الأيام من رفع الستار عن إنجازاته التي لا تعد ولا تحصى. مرّت السنون ونسجت إنجازات في ذاكرة التاريخ لدولة صغيرة المساحة، كبيرة الطموح، وفذّة القيادة.
فمع بدايات السبعينات، بدأ الازدهار الاقتصادي برؤية النور، وتغيّرت مظاهر العمران وأنماط الحياة في الدولة. أما عقد الثمانينات، فكان عقد التطوّرات على مختلف النواحي والأصعدة التكنولوجيّة والاجتماعيّة والثقافيّة، لتودّع المملكة الأردنية الهاشمية في التسعينات أعواماً من النجاحات والإنجازات، وتستقبل عهداً جديداً من الحداثة والتألّق.
السبعينات: تطوّرات على مختلف الأصعدة، ودور المرأة السياسي
بدأ عقد السبعينات بافتتاح أكبر وأهم مستشفيات المملكة الأردنية الهاشمية في العام 1973، ألا وهي مدينة الحسين الطبية، التي سمّيت نسبة للملك الباني. وضمّت هذه المؤسسة الطبية الضخمة آنذاك عدداً كبيراً من الأطباء المؤهلين والمتخصّصين الحاصلين على درجات متقدّمة في جميع تخصّصات العلوم الطبيّة.

ومع ما شهدته الدولة من تقدّم فكريّ وتكنولوجي، دخلت أجهزة الحاسوب إلى الأردن في العام 1974، معلنة بدء المشهد التكنولوجي في الأردن. كما شهدت فترة السبعينات قيام مؤسسة النقل العام، التي يذكرها معظمنا بحافلاتها الشهيرة ذات اللون الأبيض والأحمر، والتي استمرّت في العمل حتى أواخر التسعينات.
وفي هذه الفترة أيضاً، بدأت المرأة بشق طريقها نحو العمل السياسي بخطىً ثابتة، حيث كانت أول مشاركة نسائية في المجالس الرسميّة في "المجلس الوطني الاستشاري" في العام 1978، في حين تم تعيين السيدة "إنعام المفتي" كأول امرأة في منصب وزاري في العام 1979.
الثمانينات: الفنون والثقافة تشقّ طريقها، واستمرار التطوّرات
من منّا لا يذكر أبو عوّاد وحارته؟! هو الذي زرع البسمة في جميع البيوت الأردنية ونشر الضحكات عبر الشاشة الأردنية. لقد كان مسلسل "حارة أبو عوّاد"، الذي أطلق في العام 1981، أول مسلسل أردني كوميدي، والذي لاقت أجزاؤه الأربعة نجاحاً كبيراً في الأردن والعالم العربي على حد سواء.
ولعلّ انطلاقة مهرجان جرش للثقافة والفنون في العام 1981 أيضاً، هي واحدة من أبرز الأحداث التي شهدتها بدايات الثمانينات في الأردن، فقد جمع المهرجان أقطاب الثقافة ونجوم الفن من مختلف البلاد العربية في المدينة التاريخية جرش، وجعل مسارحها العريقة محطّة للإبداعات الثقافية والفنية.
وبعدها بثلاثة أعوام، في العام 1983، تأسّس أكبر مطار في الأردن، مطار الملكة علياء الدولي، في منطقة زيزيا على بُعد 32 كم جنوب مدينة عمان، ليخدم كبوابة الأردن الجويّة من وإلى مختلف بقاع العالم.

في العام 1986، تمّ تأسيس أول مكتبة عامة محوسبة في الأردن "مكتبة عبد الحميد شومان"، لتصبح قبلة لطالبي العلم والمعرفة ومركزاً للثقافة وملتقىً للأدباء. أما في العام 1987، انضم "مستشفى الملكة علياء العسكري" إلى مجموعة مستشفيات الأردن كواحد من الصروح الطبيّة الهامة.
وفي نهاية هذا العقد، أعيد إطلاق العملية الديمقراطية، حيث جرت أول انتخابات نيابية في العام 1989بعد أن غابت عن الساحة الأردنيّة منذ العام 1957.

التسعينات: انتهاء عصر النماء وبداية عهد بارز من الحداثة
في بداية عقد التسعينات، في العام 1990، تمّ ترخيص إنشاء جامعة عمّان الأهلية، لتفتح أبوابها بثلاث كليـات؛ هي كلية الحقـوق وكـلية الآداب والعلوم وكلية العـلوم الإدارية والمالية، وتلاها في العام التالي إفتتاح كلية الصيدلة والعلوم الطبية وكلية الهندسة، لتصبح منذ ذلك الوقت نبراساً علمياً للطلبة الأردنيين والعرب.

وفي العام 1993، وصلت أول سيّدة إلى قبّة البرلمان الأردني "توجان الفيصل"، وكان ذلك تدعيماً لدور المرأة في السياسة وقوة كلمتها ومشاركتها في العملية الديمقراطية. أما العام 1995، فكان نقطة الانطلاق نحو عالم الإنترنت، وبداية مرحلة انتقالية هيأت الأردنيين للتقدّم التكنولوجي والمعلوماتي الذي تحمله معها الألفية التالية التي كانت تطرق على الأبواب.
ولقد ولد أول ملتقى للجيل الأردني الجديد "قهوة وكتب" في العام 1998؛ وهو أول مكان يتيح المجال أمام أبناء الأردن لتوصية كتب حسب الطلب، ويمنحهم فرصة الإنطلاق في عالم من الصفحات والسطور المشبعة بالتاريخ والثقافة والأدب.
وفي نهاية هذا العقد، عمّ حزن عميق في عيون ونفوس الأردنيين لرحيل ملك القلوب والقائد الإنسان، جلالة الملك الحسين طيّب الله ثراه، ليبدأ عهد جلالة الملك عبدالله الثاني المعظّم، ولتصبح المملكة الأردنيّة الهاشميّة على موعد مع التغيير.
وتستمرّ الحكاية الأردنية .. مع استقبال الألفية الثانية من هذا الزمان!