ما جديد لقاحات وعلاجات فيروس كورونا المستجد؟

في ظل اجتياح وباء كورونا المستجد للعالم، وتجاوز حالات الإصابة المؤكدة  الـ 27 ملايين حالة حول العالم مع استمرار ارتفاع الإصابات وازدياد عدد الوفيات والمضاعفات الناتجة عن الفيروس، يتسارع العلماء والأخصائيين لتطوير لقاحات وعلاجات تهدف للحد من انتشار الوباء والتخفيف من وطأة المرض. البعض من هذه العلاجات موجود والبعض الآخر قيد الاختبار. سنتطرق فيما يلي إلى آخر التطوّرات في طريق مواجهة هذا الفيروس.

هل وجدت أدوية لعلاج فيروس كورونا المستجد؟

تختلف مراحل تطوير الأدوية إذ تنتقل المراحل من التطوير المخبري المبكّر إلى الاختبارات الحيوانية ومن ثم إلى التجارب السريرية على البشر. قد يستغرق الأمر عقداً أو أكثر حتى تنتهي الدراسات وينتقل الدواء المُكتشف حديثاً إلى السوق، علماً أن العديد من الأدوية لا تصل أبداً إلى مرحلة السوق لعدم نجاحها.

لذلك، تحاول بعض شركات الأدوية اللجوء إلى بعض الأدوية والعلاجات الموجودة حالياً والتي تمّت الموافقة عليها لحالات أخرى أو تم اختبارها على فيروسات أخرى لمعالجة عوارض ومضاعفات الفيروس. على سبيل المثال، لقد حصل دواءان على ترخيص الاستخدام في حالات الطوارئ (Emergency Use Authorization (EUA من إدارة الغذاء والدواء (FDA) وهم المضاد للفيروسات الريمسفير (Remdesivir) ودواء آخر يستخدم عادةً لتهدئة الأشخاص على جهاز التنفس الصناعي. لا تزال هذه الأدوية قيد الاختبار في التجارب السريرية لمعرفة ما إذا كانت فعّالة حقاً ضد فيروس كورونا المستجد.

هذه الخطوة ضرورية للتأكّد من أن الأدوية آمنة لهذا الاستخدام بالذات كما وللتحقق من الجرعة المناسبة لكل حالة.

 ما جديد لقاحات وعلاجات كورونا المستجد
ماذا عن الأدوية قيد الاكتشاف؟

 EIDD-2801  هو دواء جديد قيد التجارب يعد بنتائج ناجحة حيث أشارت الأبحاث التي أُجريت على الفئران أنه يمكن أن يقلل من تكرار العديد من فيروسات كورونا بما في ذلك .SARS-CoV-2 والجدير بالذكر أن هذا الدواء وعلى عكس Remdesivir، يمكن تناوله عن طريق الفم ممّا يجعله متاحاً لعدد أكبر من الأشخاص. أما كاليترا (Kaletra) فهو مزيج من عقارين - لوبينافير وريتونافير) (lopinavir and ritonavir - يعملان ضد فيروس نقص المناعة البشرية  (HIV) ويتم إجراء التجارب السريرية لمعرفة ما إذا كان يعمل أيضاً ضد فيروس كورونا المستجد أم ما يُعرف الآن ب SARS-CoV-2.

بالإضافة إلى ذلك، هناك دراسات قائمة للتحقق من فعاليّة أدوية أخرى مثل أدوية الآلام "ايبوبروفين"، للاستفادة من خاصية مضادة الالتهابات لتخفيف صعوبات التنفس المرتبطة بالمرض. في سياق آخر، أعلن علماء في المملكة المتحدة نجاحهم في الاختبارات الأولية باستخدام بروتين يسمّى إنترفيرون بيتا (Interferon beta) الذي ينتجه الجسم أثناء العدوى الفيروسية عبر استنشاقه مباشرة في رئة الشخص المصاب بفيروس كورونا الجديد على أمل تحفيز الاستجابة المناعية إذ تبيّن أن هذا البروتين يقلل من احتمالات حدِية الإصابة بالمرض في المستشفيات بنسبة 79%.

تجارب جديدة في هذا الخصوص
الأجسام الحيوية

تحدّثت المراجع أيضاً عن بعض النجاحات الأولية في تجارب استخدام مزيج من الأجسام الحيوية (Antibodies) تم جمعها من أشخاص في المستشفى مصابين بـكورونا المستجد لعلاج أشخاص مصابين حديثاً بالفيروس. تم اختبار هذه الأجسام على الخلايا البشرية وكذلك الهامستر. وإذا ثبت أنها آمنة وفعّالة، سيتم إعطاء الأجسام المضادة عن طريق نقل الدم للأشخاص المصابين حديثاً بالفيروس. الجدير بالذكر أيضاً أن علماء في جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو قد صنعوا أجساماً مضادة اصطناعية قد تعمل على تحييد فيروس كورونا المستجد الجديد. لا يزال يخضع المركب لتجارب سريرية، لكنه يمكن أن يكون متاحاً في غضون بضعة أشهر في بخاخ الأنف أو جهاز الاستنشاق.

بلازما الدم

كما وتُجرى بعض الدراسات بمباركة إدارة الأغذية والعقاقير (FDA) على علاج تجريبي يستخدم بلازما الدم من الأشخاص الذين تعافوا من كورونا المستجد، إذ تحتوي على أجسام مضادة تهاجم هذا الفيروس التاجي بالذات. تنذر هذه الخطوة بالخير إذ أفاد الباحثون أن 19 من 25 شخصاً مصاباً بـ الفيروس الذين عولجوا بنقل البلازما في مستشفى هيوستن ميثوديست في تكساس قد تحسّنوا وخرج أحد عشر منهم من المستشفى.

معدّلات المناعة

العلاج من خلال مُعدِّلات المناعة هو فرصة أخرى لمكافحة مضاعفات كورونا يختبرها العلماء على بعض الأشخاص المصابين بـالفيروس، حيث ينتقل الجهاز المناعي إلى حالة مفرطة ويطلق كميات كبيرة من البروتينات الصغيرة تسمى السيتوكينات (cytokines)، أو ما يسمّى هذه "عاصفة السيتوكين" التي يعتقد العلماء أنها قد تكون السبب في إصابة بعض الأشخاص المصابين بـكورونا بمتلازمة الضائقة التنفسية الحادة (ARDS) ويحتاجون إلى وضع جهاز التنفّس الصناعي. لذلك يتم اختبار العديد من مثبطات المناعة في التجارب السريرية لمعرفة ما إذا كانت الأدوية قادرة على إخماد عاصفة السيتوكين وتقليل شدة متلازمة الضائقة التنفسية الحادة.

الخلايا الجذعية

وأخيراً، العلاجات بواسطة الخلايا الجذعية يمكن أن تعطي فرصة للنجاة للأشخاص المصابين بمتلازمة الضائقة التنفسية الحاد بسبب الفيروس المستجد، لذلك بدأت بعض بدأت إحدى الشركات تجربة سريرية في المرحلة الثانية/الثالثة من شأنها فحص ما إذا كان علاج الخلايا الجذعية الخاصة بها يمكن أن يفيد الأشخاص المصابين بمتلازمة الضائقة التنفسية الحادة.

ما جديد لقاحات وعلاجات كورونا المستجد
ما جديد اللقاح ضد فيروسات كورونا؟

تهدف اللقاحات إلى حماية الأشخاص قبل تعرّضهم للفيروس إذ يقوم اللقاح بشكل أساسي بتدريب جهاز المناعة على التعرّف على الفيروس ومهاجمته عندما يصادفه. تحمي اللقاحات كلاً من الشخص الذي تم تطعيمه والمجتمع.

تعمل العديد من المجموعات العلمية على دراسة لقاحات محتملة لفيروس كورونا المستجد بدعم من التحالف غير الربحي لابتكارات التأهب للأوبئة (CEPI)، إذ هناك أكثر من 100 مشروع حول العالم تتمحور حول تطوير هذا اللقاح. منذ شهر أيار 2020، تم اختبار ثمانية لقاحات مرشّحة في تجارب سريرية على البشر كما أفادت المعاهد الوطنية للصحة  (NIH) في منتصف أيار، إنّ الاختبارات على نطاق واسع قد بدأت في شهر تموز 2020 مع احتمال توفّر لقاح بحلول 2021.

في هذا السياق، أطلقت روسيا في شهر آب 2020 لقاحاً لفيروس كورونا المستجد (SARS-CoV-2) تم تطويره بموافقة الرئيس فلاديمير بوتين من قبل مركز جمالياً الوطني للأوبئة وعلم الأحياء في موسكو من خلال اثنين من ناقلات فيروسات  Adenovirus. ولكن رغم ذلك، استناداً إلى مقال علمي في جريدة The Lancet هناك مخاوف واسعة النطاق من أن الموافقة سابقة لأوانها إذ لم تبدأ بعد المرحلة الثالثة من تجارب اللقاح كما ولم يتم نشر أي من نتائج التجارب المبكرة.

كيف تتم عملية تسريع تطوير اللقاح؟

نظراً للجائحة الكبيرة التي خلّفها الفيروس المستجد حول العالم، يجادل بعض العلماء بأن "تجربة التحدي البشري" يمكن أن تسرّع التجارب السريرية للقاح. أما في التفاصيل، ففي هذا النوع من التجارب، يُعطى للمتطوعون الأصحّاء لقاحاً محتملاً ثم يُعرضون للفيروس عمداً لدراسة مدى جودة حماية الشخص بواسطة اللقاح.

وقد أبدى ما يقرب 30 ألف شخص في أكثر من 140 دولة استعدادهم للمشاركة في هذه التجارب. لكن هذه التجربة تثير العديد من الأسئلة الأخلاقية إذ لا نزال نعرف القليل عن هذا فيروس كورونا المستجد والمرض الذي يسببه، بما في ذلك من سيمرض بشدة أو يموت من هذا الفيروس، ما يعني أنه لا يمكن للأشخاص معرفة أخطار المشاركة في الدراسة، وبالتالي لن يتمكنوا من إعطاء موافقة مستنيرة ما يشكل جزء أساسي من التجارب السريرية الحديثة.

إلا أنه ونظراً لانتشار نطاق الوباء، يعتقد بعض الخبراء أن هذا النوع من التجارب سيحدث في النهاية لذلك باشرت منظمة الصحة العالمية مؤخراً بإصدار إرشادات أخلاقية للمواجهة هذه التحديات على أمل إيجاد اللقاح الناجح.

ما جديد لقاحات وعلاجات كورونا المستجد

على الرغم من أن التقدّم التكنولوجي يسمح لنا بالقيام بأشياء معينة بسرعة أكبر، فلا يزال يتعين علينا الالتزام بتوصيات السلامة العامة بهذا الشأن كالتباعد الاجتماعي والحدّ من الاتصال مع أناس مجهولين والعزلة الذاتية واستعمال أدوات الحماية ومساحيق التعقيم وغير ذلك من التدابير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *