قرى الأطفال الأردنية: قصص مٌلهمة وطرق كفاح مكللّة بالنجاح
في شهر تشرين الثاني من كل عام، يحتفل العالم أجمع بالأطفال اليوم وثروة الأوطان المستقبلية، وذلك في اليوم العالمي للطفل الذي يصادف الـ 20 من شهر تشرين الثاني. كما تسلط الأضواء أيضاً على الطفل اليتيم في يوم اليتيم العالمي، الذي يصادف التاسع من نفس الشهر، وتتوجه الجهود نحو تقديم الدعم المعنوي والمادي له، ليحظى بحقوقه وبما يضمن مستقبلاً مشرقاً له.
قرى الأطفال الأردنية في سطور
قرى الأطفال الأردنية/SOS هي واحدة من أبرز الجهات التي تعنى بالأطفال المحرومين في الأردن، منذ لحظة دخولهم إليها، إلى حين تخرجهم من بيوت الشباب والشابات. منذ ما يزيد عن ثلاثين عاماً، وهذه القرى تحتضن الأطفال في الأردن، وتقدم لهم الرعاية الصحية والنفسية والتعليم والمسكن والغذاء في جو عائلي، وتحرص على تزويدهم بالمهارات اللازمة للانخراط في المجتمع، وتحضيرهم للانضمام إلى سوق العمل في المستقبل.
لقرى الأطفال الأردنية رؤية سامية ونبيلة؛ فهي تؤمن بأن كل طفل ينتمي إلى عائلة، ويجب أن ينمو في بيئة مليئة بالحب والاحترام والأمان، لذا تعمل على استقبال الأطفال الأيتام وفاقدي السند الأسري، منذ يوم ولادتهم وحتى يبلغوا سن الثامنة عشر من العمر، وذك في اثنين وثلاثين منزلاً عائلياً في قراها الثلاث الموجودة في عمان وإربد والعقبة، وفي بيوت الشباب والشابات التسعة التابعة لها.
ولتعزيز عملية الاندماج، ومساعدة الأطفال على تكوين صداقات من خارج القرية، بدأت القرية بتطبيق فكرة رائدة في العقبة، تحت اسم "البيوت المجتمعية". ومن خلال هذه الفكرة، يحظى الأطفال بفرصة العيش في بيوت خارج القرية مع الأم، وتجربة الحياة الأسرية بعيداً عن بيوت القرى.

برامج وخدمات قرى الأطفال الأردنية
يبلغ عدد الأطفال الموجودين في قرى الأطفال الأردنية في يومنا الحالي 250 طفلاً وطفلة، ويضم كل بيت من بيوت القرى 5 إلى 7 أطفال من الأعمار يوم واحد إلى 14 عام، مقدماً لهم برنامج رعاية يستند إلى أربعة مبادئ رئيسية؛ الأم، الإخوة والأخوات، المنزل والقرية.
عند بلوغ الأطفال سن الـ 14 عاماً ينتقلون إلى بيوت الشباب والشابات، وهي تعتبر خطوتهم الأولى نحو حياة مستقلة خارج قرى الأطفال. وأثناء المرحلة العمرية من 18 إلى 23، ينتفع الشباب والشابات من مرحلة شبه الاستقلالية، حيث يقوم الشريك الاستراتيجي لقرى الأطفال، صندوق الأمان لمستقبل الأيتام، بتقديم دعمه لهم حتى يحصلوا على التعليم الأكاديمي أو المهني، ويتمكنوا من شق طريقهم في سوق العمل، ويصبحوا أفراداً منتجين وفاعلين في مجتمعاتهم.
ما بعد سن الـ 23، يدخل الشباب والشابات مرحلة الاستقلالية، فيبدؤون حياتهم مستقلين بأنفسهم، فمنهم من يتزوج ويبدأ بتأسيس عائلة، ومنهم من يكرس جميع وقته لبناء مسيرة مهنية مميزة، ومنهم من يسعى نحو الحصول على المزيد من التدريبات والشهادات.
وتعمل قرى الأطفال على تشبيكهم بفرص تدريبية ووظيفية لتأمين مصدر دخل ثابت لهم، ومساعدتهم على شق طريقهم بنجاح. أما الأمر المشترك بين الخريجين جميعاً، فهو أنهم حققوا الكثير من النجاحات، وقدموا لنا العديد من الأمثلة عن الطموح والمثابرة والأمل.
قصص الأمل والنجاح

هبة أبو عيشة
هبة أبو عيشة (21 سنة) هي إحدى قصص النجاح التي تشكل إلهاماً لمن حولها، فلقد اجتازت ثلاث سنوات ونصف من تعليمها الجامعي في الجامعة الألمانية الأردنية، وستكمل الستة أشهر المتبقية في ألمانيا، إلى جانب الحصول على تدريبها الميداني في إحدى الشركات.
لقد أبدعت هبة في إيجاد مبادرة هادفة، تحمل اسم "ولدت لتكون"؛ والتي تهدف إلى تحقيق المساواة ومكافحة التمييز ضد المرأة، وحمايتها من الاستغلال والعنف، وهي تولي اهتمامها الأكبر بالشابات ممن فقدن السند الأسري. هبة التي تسعى من خلال هذه المبادرة إلى خدمة مجتمعها المحلي، قد تقدمت بمبادرتها إلى "منظمة الشباب قادر- الأردن"، وحقّقت النجاح، وشاركت في مخيم "يوث بوت كامب" في اليونان، والذي تم عقده عبر الإنترنت في الفترة ما بين ١٠ و١٤ آذار ٢٠٢٠.
غدير تيلخ
أما غدير تيلخ، فلقد حققت قصص نجاح متوالية، بدءاً بحصولها على منحة دراسية في كينغز أكاديمي، حيث أنهت تعليمها المدرسي، لتحصل بعدها على منحة جامعية من جامعة العلوم التطبيقية، وتتخرج بشهادة في هندسة الكمبيوتر والاتصالات. ووصولاً إلى حصولها على منحة تعليمية ثالثة، حيث أنها اليوم تكمل دراسة الماجستير في هندسة الكمبيوتر في الجامعة الألمانية، وتملك وظيفة أيضاً. لم يتوقف طموح غدير عند حصولها على ثلاث منح تعليمية، فهي لا تزال تسعى نحو الحصول على شهادة الدكتوراه، وتطمح إلى تحقيق المزيد.

هبة وغدير هما قصتا إلهام ونجاح من بين العديد من القصص التي تشهدها قرى الأطفال الأردنية بشكل مستمر، وهما تجسيد للأحلام والأهداف التي لا تعرف الحدود ولا المستحيل.