في زمن كورونا… تعلم كيف تتغلب على الخوف والهلع عبر الموسيقى

زرع فيروس كوفيد-19 الهلع في نفوس الناس، ونفذ عملية اعتقال جماعية للكرة الأرضية، فلا تكاد تمر خمس دقائق لا نتفقد فيها هاتفنا الجوال لنعرف أين رست بورصة الأرقام، وفي كل مرة ترتفع فيها أعداد الإصابات والوفيات، يرتفع معها منسوب القلق. لذا كان من الضروري إيجاد حلول لرفع المعنويات، وتحسين حالتنا النفسية، فكانت الموسيقى إحدى أبرز الوسائل للتغلب على الخوف والهلع.

صحيح أن منظمة الصحة العالمية قد أعطت إرشاداتها لتقوية جهاز المناعة في المنزل كممارسة الرياضة والنوم جيداً واعتماد نظام غذائي صحي، إلا أن الموسيقى تلعب أيضاً دوراً مهماً جداً وأثبتت فاعليتها في معالجة الكثير من الأمراض منها السرطان والامراض المزمنة والادمان، فهي ليست مجرد «تمضية وقت»، بل هي تقنية للعلاج النفسي خصوصاً في حالات الهلع والخوف والضيقة النفسية.

فكيف يمكن أن نستغلّ وجودنا في البيت ونستعين بالموسيقى كتقنية تعالج الخوف والقلق؟ كيف يمكن اختيار الموسيقى المناسبة لحالتنا النفسية الحالية؟ وماذا عن الموسيقى والأطفال؟

التأثيرات الإيجابية للموسيقى
التأثيرات الإيجابية للموسيقى

تؤثر الموسيقى بشكل إيجابي على النفس والروح فهي تنتقل إلى الدماغ عبر حاسة السمع، وتؤثر على كامل الأعضاء من خلال انتقالها عبر الخلايا العصبية من الدماغ إلى الجسد، وهي تساعد في تخفيف الشعور بالإحباط وتقوية جهاز المناعة العصبي واضطرابات ما بعد الصدمة.

وقد عمدت بعض الدول إلى تخفيف الذعر بين مواطنيها بالقليل من الموسيقى، في العالم العربي مثلاً، انتشرت أغانٍ ومقاطع فيديو بعضها يحتوي على إرشادات للتعامل مع المرض، وأخرى تسخر منه.

مبادرات في الأردن

وفي الأردن خرجت مبادرات فردية لفرق أو أشخاص موهوبين يعزفون الموسيقى، وهنا لا بد من الإضاءة على منصة “موسيقى من الأردن” وهي مبادرة جماعية تضم أشخاصاً من المجتمع الموسيقي في الأردن يتم من خلالها بث العروض الحية الموسيقية بواسطة منصة البث المباشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، هدفها لم شمل المجتمع الموسيقي بهدف تعزيز التغيير الإيجابي، ويتم عبر صفحات التواصل الخاصة ب “موسيقى من الأردن” تحديد التاريخ والوقت لترقبه من قبل متابعي الصفحة.

ومن المبادرات الجديرة بالذكر في الأردن، لا بد من تسليط الضوء على طالب الطب الموسيقي زيد أبو حجلة الشاب الأردني وعازف الساكسفون، والذي استطاع من خلال عشقه للموسيقى أن يحوّل الكورونا إلى أمر مفرح، وهو يعزف كل ليلة للأشخاص الذين يخضعون للحجر في أحد فنادق البحر الميت في المملكة، كما نشر عبر صفحته على انستغرام بعض النشاطات التي قام بها وآخرها كيف عزف في زفاف ثنائي يخضعان للحجر الصحي في أحد الفنادق مع احترام المسافة المطلوبة.

الموسيقى تجمع وتبعث الأمل

وبما أن الموسيقى تجمع الناس، وفي حركة فريدة من نوعها، قررت منظمة الصحة العالمية و Global Citizen تنظيم حفل مباشر ضخم يعود ريعه لدعم الطاقم الطبي الذي يشكل خط الدفاع الأول بوجه فيروس كورونا، تحت عنوان “عالم واحد، معا في المنزل”، وذلك يوم السبت في 18 نيسان الجاري.

الليدي غاغا ستكون نجمة الحفل إلى جانب الكثير من المغنيين والموسيقيين والمشاهير العالميين سعياً للتضامن مع المصابين بالفيروس إضافة إلى التحية للطواقم الطبية التي تواجه كورونا، كما سيتضمن الحفل شهادات حية من أطباء وممرضين ساهموا في مساعدة مرضى الكورونا داخل المستشفيات.

تبقى الإشارة إلى أن العرض سيبث على شاشات التلفزة في أوقات معينة وطبعا ببث مباشر على وسائل التواصل الاجتماعي كما يمكنكم الحصول على مزيد من المعلومات عن أوقات البث على هذا الرابط.

كما سيقدم مغني الأوبرا الإيطالي أندريا بوتشيلي بمناسبة عيد الفصح المجيد عرضاً خاصاً يحمل رسالة “الحب والشفاء والأمل”، وذلك من كاتدرائية دومو ميلانو في 12 نيسان الساعة الثامنة مساءً بتوقيت الأردن. ترافق بوتشيلي عازفة الكاتدرائية إيمانويل فيانيلي فقط في هذا العرض الذي سيكون بطبيعة الحال بدون جمهور جراء فيروس كورونا. يمكن متابعة البث المباشر عبر قناة يوتيوب الخاصة ب بوتشيلي.

مصدر الفيديو: Andrea Bocelli

الموسيقى تجتمع مع المرح لمواجهة كورونا

أما في العراق، فقد حصدت أغنية “كمامات ما عدنة” (لا نملك كمامات) باللهجة العراقية نجاحاً كبيراً، لتشكو من نقص الكمامات في العراق، في وقت أصبحت فيه أسعارها أغلى خمس مرات مما كانت عليه سابقاً.

وبالانتقال إلى أوروبا، وتحديداً إيطاليا التي عاشت نكبة كبيرة بسبب عدد الوفيات الهائل التي سجلته، إلا أن الإيطاليين لم يستطيعوا التخلي عن عاداتهم في الاحتفال والفرح، فوقفوا على الشرفات في تجمع افتراضي يضمن بينهم مسافة لا يستطيع فيروس كوفيد-١٩ تخطيها وعزفوا كل على آلته لحنا للتفاؤل والاتحاد والتحدي معلنين تغلبهم على الخوف بحب الحياة.

مصدر الفيديو:Guardian News

وفي تركيا، قامت عناصر من شرطة بلدية ولاية أضنة جنوب تركيا، بالغناء للمواطنين الذين يلتزمون منازلهم ضمن إطار التدابير الوقائية من فيروس كورونا، لرفع معنوياتهم وتشجيعهم على البقاء في المنازل، ولاقت هذه المبادرة إقبالاً وتفاعلاً كبيراً من المواطنين، حيث صفقوا من شرفات منازلهم ورددوا الأغاني خلف عناصر الشرطة.

مصدر الفيديو:مرحبا تركيا

ولجأ أردنيون ولبنانيون أيضاً إلى نشر مقاطع مصورة تسخر أيضا من الفيروس، معظمها عبارة عن رقصات تراثية لأشخاص يرتدون الملابس البيضاء داخل المستشفيات والمؤسسات الصحية.

الموسيقى في المنزل في زمن كورونا

وفي زمن كورونا، من الجيد أن نقوم بجلسات عائلية بسيطة من خلال اختيار المقاطع الموسيقية التي نحب أو حتى عبر العزف الجماعي إذا كان الأمر متاحاً، أو عبر العزف الايقاعي أو الارتجالي وهو غالبا ما يحبه الأطفال، حيث يقوم الطفل بتقليد إيقاع معيّن مستعملاً أي غرض من المنزل وليس بالضرورة آلة موسيقية.

يمكن أيضا اللجوء إلى الغناء الجماعي عبر تركيب كلمات على ألحان معروفة أو تلحين كلمات وجمَل تعبّر عن كورونا وعن القلق منها، وهي نشاطات مسلية ومضحكة ومفيدة على حد سواء للكبار والصغار.

إذاً، سواء كنتم تعزفون على إحدى الآلات الموسيقية، أو تتمتعون بصوت جميل أو لا، فإن الموسيقى هي حيلتكم للتغلب على خوفكم من كورونا، والابتعاد عن الأخبار السيئة وأعداد الإصابات التي تتغير كل لحظة. وتذكروا دائماً إذا كنتم في المنزل على الشرفات أو حتى تخضعون للحجر في الفنادق أو في المستشفى، فإن الموسيقى تساعدكم على التخفيف من التوتر والضغط النفسي والقلق تجاه كورونا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *