سياراتنا أكثر ذكاءً وتفاعلاً مع حاجاتنا وسلامتنا
هل ستتحول السيارات تدريجياً إلى هواتف ذكية كبيرة؟ يبدو أن الأمر بدأ يتحقق بالفعل في ظل الملامح الجديدة لعالم السيارات التي رسمتها التكنولوجيات الحديثة، لا سيما التحوّل الرقمي الذي ساهم في تغيير طريقة تفاعلنا مع سيارتنا.
ففي ظل التطورات الجديدة في مجالات التعلّم الآلي والذكاء الاصطناعي، ظهرت تقنيات جديدة في عالم السيارات من السيارات المتصلة بالإنترنت إلى تقنية التواصل بين دماغ السائق والمركبة أوBrain to Vehicle B2V، ناهيك عن خدمات الجيل الخامس التي من المتوقع أن يتجاوز دورها توفير سرعة خارقة لتنخرط في السيارات ذاتية القيادة.
السيارات المتصلة بالإنترنت
لن تكون تقنية السيارات المتصلة بالإنترنت بعيدة عن أسواقنا، بل حسب توقعات شركة "ستاتيستا" المتخصصة في دراسات السوق، فإن معدل انتشار السيارات المتصلة بالإنترنت في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بلغ حالياً 2.7% ومن المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 20.9% بحلول عام 2021. ولقد تطورت تقنية السيارات المتصلة بالإنترنت بحيث ستكون قادرة في المستقبل القريب على ربط السيارات بالمنازل والسيارات دون سائق، وستتيح للسائقين إمكانية التحقّق من كفاءة استخدام سياراتهم للوقود من على طاولة المطبخ أو التحكم بسيارة دون سائق من مقعد السائق في سياراتهم.
ولعل أبرز ما بات يميّز السيارات المتصلة بالإنترنت، هو نظام الاتصال الأوتوماتيكي في حالات الطوارئ eCall ، الذي بات معياراً قياسياً وإلزامياً في السيارات التي تباع في دول الاتحاد الأوروبي، وهذا يعني أن كافة السيارات الجديدة ستكون سيارات متصلة بالإنترنت بصورة قياسية. هذا بالإضافة إلى نظام تنبيه السائق عند القيادة في اتجاه خاطئ خلال 10 ثوان، والذي ينبّه أيضاً كافة السائقين القريبين من السيارة. ونظام تشخيص حالة السيارة من خلال البيانات وتحليل حالة المكوّنات، حيث يتم إعلام السائق في حال وجود ما يهدد السيارة كما تُرسَل إليه بيانات عن القطع التي قد تحتاج إلى الإصلاح. إضافة إلى نظام الركن بالمواقف العامة، الذي يساعد السائق عن طريق استشعار الفراغات بين السيارات المركونة ويتم تحويل هذه المعلومات إلى خارطة رقمية للموقف، ما يتيح المجال أمام السائق لمعرفة مكان مساحة الركن الأقرب إليه ليركن فيها سيارته.
إن انتشار السيارات المتصلة بالإنترنت يعني المزيد من الأمان على الطرقات، إذ بحلول عام 2025، يمكن إنقاذ حياة 11 ألف فرد عبر الخدمات المتصلة مثل تنبيه السائقين عند القيادة في الاتجاه المعاكس.
المساعدات الذكية
بات ما يعرف بالمساعد الذكي "سيري" أو مساعد غوغل أو مكبرات غوغل هوم الصوتية وغيرها من الأسماء جزء من يومياتنا، إذ تقوم بتبليغنا بأحوال الطقس والأخبار وتشغّل الموسيقى وتجيب حتى عن تساؤلاتنا واستفساراتنا، بل أيضاً تساعدنا في زيادة اعتماد منزلنا الذكي على الإدارة الصوتية. وشهد العام الحالي توسيع نطاق عمل هذه المساعدات ليشمل جميع الأجهزة كالتلفزيونات والثلاجات والساعات الذكية وسماعات الرأس والسيارات وحتى أماكن العمل. فنظام المساعد الشخصي في السيارات الذكية سيمكّن السائق عبر الأوامر الصوتية من إدارة المواعيد وإجراء تعديلات بمنزله الذكي والعديد من المميزات الأخرى. كما يقوم نظام المساعد بتعلّم العديد من عادات سائق السيارة ليطوّر نفسه ويقدّم إلى السائق المزيد من الدعم.
تقنية التواصل بين دماغ السائق والمركبة B2V
أحدث التقنيات في عالم التنقّل الذكي، ما كشفت عنه شركة نيسان وهي تقنية التواصل بين دماغ السائق والمركبة B2V، التي ستمكّن السيارات من تحليل وتفسير الإشارات الصادرة عن دماغ السائق، الأمر الذي سيعيد تعريف الكيفية التي يتفاعل الناس من خلالها مع سياراتهم. هذه التقنية من شأنها أن تسرّع من ردود أفعال السائقين أثناء القيادة، وتجعل السيارات في عملية تكيّف متواصلة لجعل القيادة أكثر سلاسة ومتعة. تعمل هذه التقنية من خلال فك شيفرات إشارات الدماغ، وتقوم على خاصيتين هما التنبؤ والكشف. التنبؤ، يتم من خلال التقاط الإشارات التي تدل على أن دماغ السائق يوشك على توجيهها لاتخاذ خطوة ما أو القيام بحركة معينة، مثل تحويل عجلة القيادة أو الضغط على دواسة الوقود، وهنا يمكن لتقنيات مساعدة السائق العمل بسرعة وبالتالي تحسين مستوى القيادة. أما تقنية الكشف، فهي تساعد على اكتشاف حالة السائق وتقييمها، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تغيير إعدادات أو نمط القيادة وتصبح المركبة في وضعية التحكم الذاتي.
في عالمنا المتغير، باتت السيارات أكثر ذكاء ًمن أي وقتٍ مضى، ومع غزو الأنطمة الرقمية عالم السيارات، ستصبح مركباتنا أكثر سلامة وراحة.