ذا باتمان: بطل خارق برتبة محقّق يتربّع على عرش الشّاشات
خرج من رحم الظّلام والقصص المصوّرة عام 1939 وجعل من مأساته الشّخصية سبباً كي يحوّل العالم إلى مكان أفضل ولم يكن افتقاره للقدرات الخارقة على خلاف الأبطال الخارقين الآخرين سبباً للتّقليل من شعبيّته، باتمان أو الرّجل الوطواط أو أمير الظّلام يعود اليوم ليكتسح الشّاشات الذّهبية بإيرادات خياليّة وجدل كبير.
اشتعل الجدل حول الفيلم الأخير في السّلسلة "ذا باتمان" حتّى قبل عرضه في 3 آذار/ مارس الماضي وذلك عقب الإعلان عن لعب روبرت باتينسون، بطل سلسلة أفلام Twilight، للدّور حيث استهجن البعض هذا الاختيار خاصة بعد تفوّق الممثل القدير كريستيان بيل في لعب دور باتمان في ثلاثة أفلام عام 2005 و 2008 و 2012 وخلفه الممثل بن أفليك عامي 2016 و 2017.
باتمان: ملياردير حوّل مخاوفه لقدرات استثنائيّة
لم تكن رؤية بروس واين الملياردير الأمريكيّ والفتى الّلعوب لمقتل والديه على يد اللّصوص في صغره سبباً لمأساة شخصيّة بقدر ما كانت سبباً في تغيير وجه العالم خصوصاً ضدّ المجرمين.
نسج بروس واين قبل أن يصبح الرّجل الوطواط من مأساته ومخاوفه الشّخصية من الخفافيش قصّة أحد أبرز الأبطال الخارقين على مرّ التّاريخ وأكثرهم شعبيّة.
فعلى خلاف الأبطال الآخرين، لم تقد الصّدفة باتمان لاكتشاف قدرات خارقة بل عمل على صقل قدرات القتال والتحّري وصنع لنفسه بذلة مستوحاة من الخفافيش كما اتخّذ اسماً مستعاراً مرتبطاً بها وبدأ رحلته في القبض على المجرمين.
في مسقط رأسه مدينة غوثام الخياليّة تعاون باتمان مع شخصيّات عديدة أسهمت في نجاح مساعي فاعل الخير النّاشط في الظّلام، مثل ألفرد بنيوورث خادمه ومدبّر منزله، والمفوّض جيمس جوردون رئيس شرطة المدينة، وعدد من محاربي الجريمة الآخرين مثل ربيبه روبن.
أمير الظّلام: من ثنايا القصص المصوّرة إلى الشّاشات
اكتسحت شخصيّة باتمان جميع الأوساط وحظيت بشعبيّة كبيرة منذ اللّحظة الأولى لظهورها في القصص المصوّرة لذلك كان انتقالها إلى التّلفاز وعقب ذلك السّينما نتيجة طبيعيّة لهذه الشّعبية الطّاغية.
بدأ عرض مسلسل باتمان على التّلفاز عام 1966 حيث تناول على مدار عامين مغامرات باتمان مع روبن لقتال الأشرار في مدينة غوثام ومنعهم من تحقيق أهدافهم.
في العام نفسه تحوّل المسلسل إلى فيلم تناول تقريباً القصّة نفسها بلمسة إضافيّة من الكوميديا وقصص الأشرار الّذين يتربّصون بباتمان مثل المهرّج والمرأة القطّو وغيرهم.
في عام 1989 يعود باتمان ليسخّر جانبه الإنساني وتدريبه المتقن لمحاربة أمير الجريمة "الجوكر" الّذي أثار الخوف في نفوس أهالي غوثام بجرعة أكبر من الإثارة والأكشن.
في Batman Returns عام 1992 فيما يخطّط كلّ من البطريق ورجل الأعمال ماكس شريك لنشر الخراب في غوثام يكون باتمان على أهبة الاستعداد لإفساد هذه الخطط حيث يعدّ هذا الفيلم الجزء الثّاني للفيلم الّذي عرض عام 1989.
شكّل عام 1995 بداية الحقبة الثّانية من أفلام باتمان من خلال فيلم Batman Forever الّذي يسعى فيه أحد ضحايا باتمان وهو هارلي دينت للانتقام من باتمان بسبب قيام الأخير بتشويه وجهه كما يظهر هنا للمرّة الأولى ريدلر رجل الألغاز الأشهر.
وعلى الرّغم من أنّ فيلم Batman and Robin الّذي عرض عام 1997 يعتبر الأسوأ بالنّسبة لكثيرين إلّا أنّه حظي باهتمام عشّاق الرّجل الوطواط الّذي سعى مع صديقه روبن لتخليص مدينة غوثام من محاولات تجميدها من مستر فريز.
بدأ كريستوفر نولان الحقبة الجديدة لباتمان عام 2005 لتعويض الإخفاق الحاصل في الفيلم السّابق حيث شكّل الفيلم الجزء الأوّل لثلاثية تتناول أصل شخصيّة باتمان وتستعرض مأساته الشّخصية ومن ثمّ مغامراته لإنقاذ مدينته.
بعد ذلك اكتسبت شخصيّة باتمان بعداً جديداً حيث بدأت أفلامه مع الجوكر من خلال فيلمي Dark Knight و Dark Knight Rises عامي 2008 و2012.
أمّا عام 2016 فعاد باتمان للظّهور بصحبة سوبرمان في فيلم لم يلق الكثير من التّرحيب النّقدي، فيما زاد فيلم Justice League الّذي عرض عام 2017 وظهر فيه باتمان يحارب بصحبة أعوانه الأشرار الّذين يحاولون احتلال كوكب الأرض الانتقادات الموجّهة للفيلم.
إلاّ أنّ الفيلم الجديد "ذا باتمان" يعيد الزّخم لأمير الظّلام ويتربّع على عرش الإيرادات ب 300 مليون دولار منذ عرضه فكيف يعود لنا الرّجل الوطواط؟
ذا باتمان: القصّة والشّخصيات على حساب المؤثّرات
ركّزت النّسخة الأحدث من سلسلة أفلام باتمان على القصّة والشّخصيات المحبّبة والّتي ظهرت مرّة أخرى للجمهور مثل رجل الألغاز ريدلر والّذي لم يظهر منذ عام 1995 بالإضافة إلى شخصيّة الشّرير The Penguin، فقد ظهر لآخر مرّة عام 1992 في فيلم Batman Returns.
وشهد الفيلم، الممتدّ على مدار 3 ساعات ليكون بمثابة ملحمة حقيقيّة. كما ظهرت في هذه النسخة شخصيّة الّلصة سيلينا كايل والمعروفة باسم Catwoman، وهي لصّة محترفة جمعتها معرفة ببروس وين رجل الأعمال من دون أن تدرك في البداية أنّه باتمان، وقد ظهرت الشّخصية لآخر مرّة عام 2012 في فيلم The Dark Knight Rises.
الجمع بين هذه الشّخصيات من جديد جعل الجمهور ينتظر النّسخة الجديدة من الفيلم بفارغ الصّبر، خصوصاً في ظلّ القصّة الّتي يعدّ رجل الألغاز محورها الرّئيس حيث يواجه باتمان جميع هذه الشّخصيات بصورة واقعيّة بعيدة عن النّمطية.
تظهر الواقعيّة أيضاً في صورة باتمان لدى مدينة غوثام حيث تخشاه بدلاً من أن تراه كبطل خارق أو سبيل لإنقاذها من الأخطار المحيقة بها، الأمر الّذي يحصل للمرّة الأولى.
كما يركّز الفيلم للمرّة الأولى على رحلة بروس وين بعد عامين من تقمصّه لباتمان الأمر الّذي يجعله أقلّ خبرة وأكثر شبابيّة وتهوّراً.
وسلّط الفيلم الضّوء على شخصية المحقّق بروس وين وليس البطل الخارق باتمان الّذي يعدّ وسيلة لتحقيق العدالة فقط بنظر وين، مع الكثير من المشاهد العنيفة في هذه النّسخة.