انفجار بيروت فتح ملف التفجيرات النووية… هل تدخل نترات الأمونيوم إلى الأردن وكيف تُخزّن؟

شاء القدر أن يقترن اليوم العالمي لمناهضة التجارب النووية هذه السنة بانفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب الذي دخل قائمة الانفجارات الكبرى التي عرفها العالم من بابها العريض، حتى أن البعض ذهب لإطلاق اسم "بيروتشيما" عليه، تيمّناً بانفجار هيروشيما النووي.

وقد تكون التفاصيل حول الانفجارات النووية حول العالم لدينا خجولة بعض الشيء، وخصوصاً تلك التي تتعلّق بمادة نترات الأمونيوم التي تسببت بالانفجار الكبير في بيروت، والذي ضج به العالم العربي والغربي على حدّ سواء، مخلّفاً وراءه الكثير من التساؤلات حول ماهية هذه المادة وما إذا كانت تدخل إلى البلاد العربية كالأردن مثلاً وكيف يتم تخزينها وبماذا تستعمل؟ وهل تشكل خطراً على المواطنين في المملكة؟

انفجار بيروت
انفجار بيروت
اليوم العالمي لمناهضة التجارب النووية

أولاً فلنلقي نظرة على اليوم العالمي لمناهضة التجارب النووية في التاسع والعشرين من آب الذي حددته الأمم المتحدة في 2 كانون الأول عام 2009 وذلك بهدف إيجاد عالم خالٍ من الأسلحة النووية.

إذا أردنا أن نلخّص معنى قنبلة نووية نقول أن بإمكان قنبلة واحدة أن تدمّر مدينة بأكملها، كما تمتلك الأسلحة النووية قوة تدميرية تفوق ما قد تحدثه أكبر القنابل غير النووية، وتُطلِق هذه الأسلحة كميات هائلة من الإشعاع، يمكن أن تتسبب في الإصابة باعتلال التعرض للإشعاع؛ لذا فتأثيرها الفعلي يستمر لفترة أطول من الانفجار نفسه.

لم تُستخدم الأسلحة النووية عبر التاريخ إلاّ مرتين، إذ استُخدمت ضد اليابان خلال الحرب العالمية الثانية، عام 1945، المرة الأولى في مدينة هيروشيما وخلّفت وراءها دماراً كبيراً وخسائر هائلة في الأرواح، واستمر الإشعاع الناتج عنها أشهراً عدة، وقَتَل ما يقدَّر بنحو 80 ألف شخص، في حين أن القنبلة الثانية التي سقطت على مدينة ناكازاكي أودت بحياة أكثر من 70 ألف شخص.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وفي ذكرى اليوم العالمي لمناهضة التجارب النووية العام الماضي قال في رسالته إن الدمار هو الشيء الوحيد الذي ورثناه من التجارب النووية، ومعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية لا بدّ منها لضمان عدم سقوط المزيد من الضحايا؛ وهي أساسية أيضاً للمضي قدماً بنزع السلاح النووي.

International Day against Nuclear Tests
ما هي نترات الأمونيوم؟

والآن لننتقل إلى مادة نترات الأمونيوم التي سمعنا بها كثيراً في الفترة الأخيرة، والتي رأينا الأضرار الجسيمة التي خلّفتها في انفجار بيروت في 4 آب الماضي الذي قيل إنه أقل من قنبلة نووية وأكثر من انفجار عادي.

المفاجئ أن نترات الأمونيوم التي كادت أن تدمّر عاصمة بأكملها هي مركّب كيميائي عديم الرائحة يُستخدم كسماد زراعي، وهو يُستعمل على صورة حبيبات تذوب سريعاً في ظروف الرطوبة ما يؤدي إلى إطلاق النيتروجين الضروري لنمو النباتات في التربة، إلاّ أنها في الوقت نفسه حين تمتزج بزيوت الوقود تؤدي إلى تفجيرات، وكثيراً ما يتم اللجوء إليها في أعمال البناء والتعدين، كما تستخدمها بعض الجماعات المسلحة لصنع متفجرات.

ولا تُعدّ مادة نترات الأمونيوم في حد ذاتها قابلة للاشتعال، لكن لكونها مسببة للأكسدة فهي تزيد الاحتراق وتسمح للمواد الأخرى بالاشتعال بسهولة أكبر، ولهذا السبب يُفترض أن يتم الالتزام بقواعد صارمة في تخزينها بحيث تظل بعيدة عن الوقود ومصادر الحرارة (ما لم يتم احترامه في مرفأ بيروت).

هل تدخل نترات الأمونيوم إلى الأردن؟

بما أن نترات الأمونيوم، كما سبق وذكرنا، هي من المواد المخصصة للزراعة والبناء فإن دخولها إلى الدول أمر مشروع وبحسب معايير مكافحة الإرهاب في المنشآت الكيميائية تخضع المنشآت التي تخزّن أكثر من 900 كيلوغرام من نترات الأمونيوم إلى عمليات تفتيش.

وفقاً لموقع روسيا اليوم، فإن استيراد هذه المادة في الأردن لا يتم إلاّ من خلال رقابة الأجهزة الأمنية، وكذلك تتابع الأجهزة الأمنية المختصّة مستودعات التخزين وأماكن استخدامها، وتستقبل موانئ العقبة حوالي 1500 طن من نترات الأمونيوم شهرياً إلاّ أن هذه البضائع لا تخزّن في الميناء إنما تحمّل مباشرة على الشاحنات من السفن وتحت إشراف لجنة أمنية متخصصة.

نترات الأمونيوم في الأردن
كيف يتم تخزين النترات في الأردن؟

وفقاً لموقع روسيا اليوم فإن شركة العقبة لإدارة وتشغيل الموانئ تعتمد بروتوكولاً دولياً ومحلياً في التعامل مع هذه المواد والعناصر ذات الحساسية العالية بحيث لا تخزّن مثل هذه المواد على أرض الميناء أو بالقرب منها، فيتم نقلها مباشرةً من السفينة إلى الشاحنات المخصصة وفق شروط معينة وبرفقة أمنية إلى الجهة المستوردة لتدخل مستودعاتها وفق سجل خاص يحدد الكمية والنوعية بناءً على بيان جمركي واضح وفق الأصول.

كما يتم تخصيص رصيف خاص لها، ويمنع اقتراب أي سفينة أخرى منها ويتم تفريغ الحمولة بدقة متناهية، بوجود مهندسين متخصصين.

نترات الأمونيوم في الأردن
نترات الأمونيوم في الأردن

وقد تم بناء مستودعات خاصة في المملكة في منطقة صحراوية يحيطها 40 كلم2 من الخلاء، وتبعد عن العاصمة عمّان مسافة 70 كلم، وتسمى عطارات ام الغداران بالقرب من مكب النفايات الخطرة، وقد بُنيت بمقاييس عالية تراعي المواصفات العالمية، كما تم اعتماد جدران "باطون" فيما كان السقف من حديد الستيل، الأمر الذي يضمن في حال حدوث انفجار أن يكون للأعلى دون انتشار جانبي، كما تم أيضاً إقامة سواتر ترابية في محيط كل مخزن لامتصاص الصدمة في حال الانفجار إذا ما حصل، وبالتالي لا ينتشر بشكل كبير، ويكون تأثيره أضعف. كما تم مراعاة ضمان عدم وجود مصدر حراري أو مصدر "شرارة" داخل المستودعات حيث وضعت وحدات التكييف خارجية، ووحدات الإنارة "بلا شرارة" علماً أن الأمونيوم لوحده لا ينفجر إذ لا بدّ من وجود شرارة أو مصدر لهب.

التفجيرات النووية

إذاً، وحتى نصل إلى اليوم الذي نجد فيه العالم خالٍ من أي متفجرات وأسلحة نووية، لا بدّ أن نعلم جيداً أن المواد التي تستعمل في صناعة المتفجرات كالأمونيوم وغيرها يمكن أن تكون مفيدة للإنسان والطبيعة وتساعدنا في حياتنا اليومية، إلاّ أن الأهم أن نعلم كيفية التعاطي معها وتخزينها والحفاظ عليها حتى لا تكون مصدر كارثة للبلد كما حلّ في لبنان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *