انجازات الأردن الإقليمية والعالمية
مع حلول الألفيّة الثانية، سارت الدولة الأردنية بخطىً أوسع وأثبت، وبروح شبابيّة طامحة تحت القيادة الهاشميّة الفتيّة لجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، الذي استلم زمام القيادة بُعيد وفاة والده الملك الباني، ليسطر وشعبه إنجازات الأردن الملحزظة إقليمياً وعالمياً، واعداً أن يجعل من هذه البقعة دولة يفاخر بها كلّ أردني وأردنية محليّاً وعربيّاً وعالميّاً.
ومن التاريخ الغني، استشرف الأردن مستقبله بعزم وإرادة، وتابع مسيرته أقوى من ذي قبل، مستلهماً من إيمان قائده بالجيل الشاب كواحد من أهم ثرواته وأسلحته. فكانت النهضة الوطنيّة والحضور الدولي المشرّف، وتوالت الإنجازات الأردنية، وعلت الهمم، ورُفع العلم الأردني في سماءات العالم. كما وأطلقت المبادرات الملكيّة الخاصة بالتنمية المستدامة ومشاريع التعليم والتكنولوجيا وريادة الأعمال.

واحد وعشرون عاماً مضت على بدء الألفية الثانية، شهد خلالها القريب والبعيد إنجازات الأردن في المنطقة والعالم أجمع، ليصبح الأردن والأردنيّون نموذجاً يحتذى به.
انتعاش سياحي واقتصادي
لطالما كانت مدينة العقبة محور الاهتمام الملكي، وفي مطلع العام 2001، تمّ تحويلها إلى منطقة اقتصادية خاصة، فحظيت المدينة الشاطئية باهتمام المستشمرين العرب والأجانب، وباتت مقصداً استثمارياً وسياحياً لما فيها من مستويات معيشية ذات رفاهية عالية. وبذلك كان ل"ثغر الأردن الباسم" أكبر العائدات على الاقتصاد المحلي منذ ذلك الحين.

وفي العام 2007، اختيرت المنحوتة الفنيّة والمدينة الورديّة الساحرة "البتراء" كواحدة من عجائب الدنيا السبع، ضمن عمليّة تصويت شعبي شارك فيها نحو 70 مليون شخص من شتى أنحاء العالم. وكما نُحتت معالمها في الصخر، نُحتت صورها في ذاكرة كلّ من رآها وكلّ من وقف أمامها مأخوذاً بجمالها.
أما وادي رم، فقد أصبح نجماً ساطعاً على الشاشة الفضيّة العالميّة، بعد أن اختاره مخرجون ومنتجون عالميّون لتصوير أفلامهم، وليخدم كهوليوود الأردن. ومن هذه الأفلام؛ الفيلم الدرامي "المرّيخي" الذي عُرض عام 2015، وفيم الآكشين "روغ واحد" الذي عرض في العام 2016، وغيرهما من الأفلام التي حظيت بصحراء وادي رم الساحرة كستوديو لها.
وفيما يعنى بالناحية الاقتصادية، وضمن جهود الأردن لجذب الاستثمارات واستحداث فرص العمل، والاندماج في الأسواق الإقليميّة والعالميّة، تأسست هيئة الاستثمار الأردنيّة في العام 2014، التي تمتلك دوراً بارزاً في تحقيق المكاسب للوطن، إضافة إلى مرونتها في الاستجابة للتغيرات والأنماط المستجدة في بيئة الإستثمار الاقتصادية الدولية والمحلية.
ولا شك أن قطاع الاتصالات قد تنامى بشكل مبتكر وسريع في الألفية الثانية؛ من استقلالية هيئة تنظيم قطاع الاتصالات في العام 2002، وما تلى ذلك من حلول الإنترنت والهواتف الخلويّة وحلول الأعمال. إضافة إلى دخول شركة أمنية إلى السوق الأردني في العام 2005 من أوسع أبوابه، لتقدّم للمواطن الأردني خدماتها ومنتجاتها المتكاملة والمبتكرة، ولتكون الشركة الأردنية الأولى التي تحصل على شهادة أيزو العالميّة عن رضا العملاء في العام 2020، وهو ما يعكس تفوّق الشركة وحرفيتها العالية في التعامل مع العملاء والاستجابة لمتطلباتهم.
النهضة الإعلاميّة وارتفاع أصوات الفكر
انطلق راديو "عمّان نت" في العام 2000 كأول إذاعة عربيّة محليّة تبث برامجها بالنص والصوت والصورة الفوتوغرافية عبر شبكة الإنترنت، فكان صوت الحريّة والمصداقيّة والتأثير الإيجابي. وبمثابة الخطوة التمهيديّة لولادة محطات إذاعية وتلفزيونية خاصة فيما بعد.
إذ تلى ذلك، بدء البث التجريبي لقناة نورمينا الفضائية الأردنيّة في العام 2004، وتأسيس قناة رؤيا في العام 2011، وقناة اليرموك في العام 2012. ولم يمضي وقت طويل، حتى تأسست قناة المملكة في العام 2015، لتطلق أول بث لها في العام 2018، أي العام الذي تلى تأسيس قناة عمّان تي في.
أمّا المحطات الإذاعية، فلقد شهدت نمواً متسارعاً، فوصلت في يومنا الحالي إلى 43 إذاعة أردنيّة تقدّم للمستمع برامج مختلفة ومتنوعة وبث مباشر ومسابقات. وليس لنا أن نذكر الساحة الإعلاميّة في الأردن، دون أن نتطرّق إلى الجرائد المطبوعة والإلكترونيّة؛ حيث تأسست كل من صحيفة الديار الأردنيّة وصحيفة الغد في العام 2003، في حين تأسست صحيفة الأنباط في العام 2005، لتنضم إلى الصحف اليومية العريقة الدستور والرأي.
الرياضة الأردنية تتربّع على القمم
في العام 2006، أرسل الأردن بعثته الأكبر في تاريخ المشاركات الأردنيّة في الألعاب الآسيويّة. وفي العام 2008، أحرز المتسلّق الأردني "مصطفى سلامة"، سفير أمنية للشباب والرياضة في ذلك الوقت، إنجازاً رياضياً عالمياً مشرّفاً، حيث كان أول أردني يصل قمة جبل إيفيرست، ويرفع علم الأردن في سماء أعلى قمّة في العالم. بينما حصل سفير أمنية للشباب والرياضة الأردني "أحمد أبو غوش"، على أول ميدالية أولمبية ذهبية عن رياضة التايكواندو في أولمبياد ريو دي جانيرو في البرازيل عام 2016.
وفي العام 2011، ابتهج الأردنّ والأردنيّون جميعاً بفوز أميرهم المحبوب علي بن الحسين بمنصب نائب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، ليرتقي بمكانة الأردن على خارطة الرياضة العالميّة. وبهذا الفوز، أصبح سمو الأمير علي حكماً ضمن اعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي.
خلال العام 2016، استضاف الأردن كأس العالم للسيدات تحت سن ال 17 سنة، وكان بذلك أوّل بلد عربي وشرق أوسطي يستضيف هذه الفعاليّة. واهتمام الأردن بدور السيّدات في القطاع الرياضي ليس بالأمر الغريب، إذ أن إنجازات المرأة الأردنية غدت تلمع في الفضاءات العالميّة. ففي العام 2018، أصبحت يارا قاقيش بطلة العالم الأولى في رياضة ال"جوجيتسو"، لتضيف لقباً جديداً للملكة الأردنية في فنون القتال.
وكانت ميساء جبارة، نجمة المنتخب الوطني لكرة القدم، أوّل لاعبة أردنيّة تحترف اللعب في نادي تونون ايفيان الفرنسي في العام 2019، بعد أن حقّقت أرقاماً قياسيّة باحترافها في خمسة أندية عربيّة وأوروبيّة، ومشاركتها في أكثر من مئة مباراة دوليّة.
كما أولى الأردن الكثير من الاهتمام بالألعاب البارالمبيّة منذ العام 1984، وتتوّج ذلك بحصول أوّل أردنيّة "مها البرغوثي" على الميدالية الذهبية ضمن منافسات فردي كرة الطاولة في بارالمبيك سيدني عام 2000، وهو تجسيد للهمم الأردنية العالية التي تتخطى جميع العقوبات والحواجز.
طموحات كبيرة وجوائز عالميّة
أن نذكر بعض الجوائز من بين مئات الجوائز العالميّة التي حصل عليها الأردنيّون، يعني أن نختصر كتاباً كاملاً في فقرة واحدة، وهو ليس بالأمر المنصف، إلا أن إبداعات الأردنيين وإنجازاتهم الدوليّة والعالميّة لا تتسع في هذه السطور، وليس بإمكان مقال واحد أن يحتضنها.
على مدار الأعوام الماضيّة، تكللّت الكثير من جهود أبناء هذا الوطن الشامخ بجوائز وميداليات وبراءات اختراع عالميّة؛ غطّت مختلف القطاعات من العلوم والطب إلى البرمجة وإنتاج الأفلام وغيرها الكثير.
في العام 2007، تم إنتاج أول فيلم روائي طويل في الأردن منذ أكثر من 50 عام "كابتن أبو رائد"، ليبدأ بعد شهرين ونصف من عرضه بحصد العديد من الجوائز العالميّة والسينمائيّة. أما في العام 2013، احتلّ الأردن المرتبة الاولى عربياً، والخامسة عالمياً، في مجال الطب العلاجي خاصة في مجال السياحة العلاجية السريريّة.
وتبع ذلك، تسلّم الريادي الأردني ماهر ميمون جائزة عالميّة كـ”افضل مخترع للعام 2017″ من جمعية مهندسي الطاقة العالمية، حيث يعود له الفضل في اختراع وتطوير نظام يضاف إلى أسطح الألواح الشمسيّة، ليعمل على تنظيف وإزالة الغبار كليّاً دون الحاجة إلى الماء.
وخلال العام 2019، سجّل الطبيب الأردني سيف الدين الريالات أول براءة اختراع بمعاهدة التعاون بشأن البراءات الدولية، تمثّلت بصنع "يد الشفاء"؛ وهو عبارة عن قفّاز علاجي ذي استخدام واحد يرتديه المريض عند الحاجة.
هذه هي مملكتنا الأردنيّة الهاشميّة، التي بنت مكانتها بتشابك السواعد الأردنيّة والهاشميّة، والتي تودّع اليوم مئة عام من النجاحات والإنجازات والعزّ، لتستقبل أخرى بطموح أكبر وعزيمة أعظم. وتستمرّ المسيرة...