اليوم العالمي للسّرطان: معركة طويلة محفوفة بالأمل وخطوات صغيرة واثقة
اليوم العالمي للسّرطان، الّذي تمّ تحديده عام 2000 ليكون الرّابع من شهر شباط من كلّ عام، جاء ليوحّد الجهود العالميّة لمكافحة هذا المرض الّذي يفتك بحوالي 9.6 مليون شخص سنوياً حول العالم بحسب منّظمة الصّحة العالميّة.
حوّل هذا الإعلان، تخصيص يوم عالميّ لمرض السّرطان، والمنبثق عن القمّة العالميّة الأولى لمكافحة السّرطان في باريس، المعارك الفرديّة التي يخوضها مرضى السّرطان إلى معركة جماعية عالميّة كبرى محفوفة بالأمل، والخطوات الصغيرة الواثقة التي من شأنها أن تقود إلى النتائج المرجوّة على المدى الطّويل.
اليوم العالمي للسّرطان في ظل ظروف غير مسبوقة هذا العام
في ظلّ التّداعيات المتّرتبة على جائحة كوفيد 19، والّتي أظهرت بما لا يدع مجالاً للشكّ أهمية التعاضد الإنسانيّ بوصفه طوق النّجاة الحقيقيّ، يأتي اليوم العالميّ للسّرطان هذا العام في إطار ظروف غير مسبوقة ليذكّرنا مرة أخرى بوحدة التّجارب الإنسانيّة.
ويشارك العالم بهذا اليوم من خلال زيادة الوعي، والتّثقيف حول أهميّة الكشف المبكرّ، واتّباع نمط حياة صحيّ لتجنّب الإصابة بمرض السّرطان. ولكنّ الأسئلة الّتي تطرح نفسها، في خضّم هذه الجهود العالميّة، تتمحور حول الدّور الّذي يتعيّن على الشّركات والأفراد، على حدّ سواء، أن تلعبه كي تؤتي هذه الحملات التّرويجية التي تنطلق كلّ عام أكلها.
تنطلق الأنشطة هذا العام تحت شعار "هذا أنا وهذا ما سأفعل"، لتسليط الضّوء على أهمية المبادرة الفردية في مجال مكافحة السّرطان، حيث أن التغيير الحقيقي يبدأ من كل فرد.
المعركة ضدّ السّرطان: خطوات صغيرة تُحدث الكثير من الفرق
تتمّثل الفكرة الأساسيّة في اليوم العالمي للسّرطان في ضرورة التوحّد خلف مواجهة السّرطان من خلال جهود إنسانيّة قد تكون صغيرة لكنّها بالتأكيد تُحدث فرقاّ إذا ما صبّت في الاتجاه الصّحيح.
بالنّظر إلى ما سبق؛ لا تقتصر الفعاليات السّنوية باليوم العالمي للسّرطان على الأنشطة التوعويّة والتّثقيفيّة؛ بل تشمل أيضاَ تلك المتعلّقة بضرورة انخراط الأفراد إمّا من خلال مشاركة قصصهم الشّخصية أو من خلال دعم النّاجين ومشاركة قصصهم بالنّظر إلى أهميّة ذلك في إحداث الفرق المطلوب.
النّاجون من مرض السّرطان: شهادات مُلهمة بطعم الأمل ومبادرات التّغيير
قد تتّنوع التّجارب الشّخصية للنّاجين من مرض السّرطان، إلا أنها تشترك جميعها في كونها مصدراً للإلهام، والدّعم الإنساني، والإرادة الاستثنائيّة والأهم حبّ الحياة.
يعدّ أولئك القادرون على تحويل تحدّياتهم الشّخصية إلى فرص وإنجازات، أشخاصاً استثنائيين. ولكن، ماذا لو كانت هذه التّحديات بحجم حياة كاملة؟ عندها، تكون خطواتهم الصّغيرة أميالاً وتجاربهم الشّخصية نوراً في نفق طويل، ومبادراتهم مشعلاً يهتدي به السّاعون في درب التعاضد الإنسانيّ.
لمّة أمل: معركة ضدّ السّرطان بنكهة المعجزات
"الإنسان المؤمن بالمعجزات والمتمّسك بالحياة قادر على تحقيق الكثير" هكذا استهلّت لما المعايطة، ناجية من مرض السّرطان مرّتين، شهادتها المفعمة ب "قدرة العقل الباطن على التّشبث بالأمل مهما بدا بعيداً وخافتاً".
"في الوقت الذي فقد الجميع بما فيهم الأطّباء الأمل في شفائي كان عقلي الباطن ورغبتي بالحياة تحلّقان خارج جدران غرفة العناية المشدّدة"، تتابع المعايطة.
تؤمن المعايطة بأن ما يحتاجه مريض السّرطان بالفعل هو الدّعم النّفسي والمعنويّ بصورة رئيسيّة. ولأنها تؤمن بأن التغيير يبدأ بنا؛ أطلقت مبادرتها "لمّة أمل" كي تنشر الأمل وتبّث الإيمان بالمعجزات في نفوس المرضى والنّاجين وذوي المرضى.
مبادرة المعايطة شملت الأطفال أيضاً من خلال مبادرة "لوّن رسمتي وشوف بسمتي" لتزويد الأطفال بمساحة تعبير شخصيّة تتّحد فيها الأقلام والألوان لتحقيق الأحلام. ومرّة أخرى كان الإلهام الشخصي حاضراً في المشهد؛ فالأمنية الأخيرة للمعايطة كانت أن تأخذ أقلامها وأوراقها لتبّثها أفكارها الأخيرة.
هذا أنا وهذا ما سأفعل: خطواتنا قادرة على حسم معركة السّرطان لصالح المرضى وذويهم
نيكول شاهين، مديرة المسؤوليّة الاجتماعيّة والابتكار في شركة أمنية، لم تكن إحدى النّاجيات من السّرطان فقط، بل أيضاّ فقدت عدداً من أحبّائها بسبب هذا المرض.
تحت شعار اليوم العالمي للسّرطان "هذا أنا وهذا ما سأفعل"، مرّة أخرى كانت التّجربة الشّخصية حافزاً لشاهين لتنظيم مبادرة شخصيّة مع الأصدقاء والأقارب، تهديها لمن فقدتهم من الأحبّة، هدفها التّرويج لأهميّة الكشف المبّكر واتّباع نمط حياة صحّي. حيث سيقومون في الخامس من شباط في حدائق الحسين بالرّكض والمشي السريع بتباعد، بهدف التّوعية حول أهمية ممارسة التّمارين الرياضيّة لمكافحة السّرطان، وجمع التبرعات لمساعدة مبادرة "لمّة أمل" وغيرها من مرضى السرطان وعائلاتهم.
تم إدراج هذه المبادرة، والتي هي بالتعاون مع المدرّبة نسرين مطالقة، ضمن الفعاليّات الرّسمية لليوم العالمي للسّرطان، ما يكتسب أهمية كبيرة لحشد أكبر دعم ممكن لهذه الفعالية.
وتضيف شاهين: "يحتلّ اليوم العالمي للسّرطان أهميّة كبيرة في حياتي بصورة شخصيّة لأنّه يذّكر النّاس مرّة أخرى بأهميّة التّوعية والتّكاتف لمكافحة المرض. قد تكون المعركة طويلة لكنّ الخطوات الصغيرة والصّحيحة من الجميع كفيلة بحسم هذه المعركة لصالح المرضى، وذويهم أيضاَ الّذين يواجهون تحدّيات في مساندة أحبّائهم الّذين يواجهون هذا المرض".
إرادة روح بحجم الحياة
إرادة روح ابتسام الجدوع كبيرة واستثنائيّة لتمكنّها من أن تواجه العالم بصورة غير نمطيّة تفخر بها بشعرها المتساقط بفعل العلاج الكيميائيّ الّذي خضعت له أثناء إصابتها بسرطان المبيض على مدار ثلاث مراحل من حياتها.
إرادة روح ابتسام تحوّلت إلى مبادرة تحمل الاسم نفسه وتسعى إلى تقديم الدّعم النّفسي والمعنوي لمرضى السّرطان من خلال تعزيز مهارات التنمية الذّاتية. ولأن إرادة ابتسام عنانها السّماء، فقد حوّلت مبادرتها التي انطلقت برعاية سموّ الأميرة دينا مرعد، إلى مؤسسة للتنمية البشرية عام 2020.
استهدفت ابتسام من خلال هذه المؤسسة إلى تنمية مهارات الأطفال والشّباب بوصفها خطوات ضروريّة نحو مستقبل يكسب فيه البشر معركتهم ضدّ السرطان.
أصوات كل من ابتسام ولما ونيكول وغيرهنّ من أولئك النّاجين والمؤمنين بالتّغيير والمعجزات، تصدح في الجامعات والمنّصات التوعويّة حيث حرصن جميهنّ على تعزيز تجاربهنّ الشّخصية بالحصول على شهادات متخصّصة في مجال التّوعية حول مرض السّرطان بالإضافة إلى مجال التّنمية الذّاتية.
يشكلّ اليوم العالمي للسّرطان فرصة ذهبيّة وإنسانيّة للاستماع إلى قصص النّاجين، والّتي إذا ما اتّحدت مع مبادرات هادفة للتّغيير؛ فإنّها تظهر بأنّنا على الطّريق الصحيح لحسم المعركة ضدّ السّرطان لصالح الحياة.