العمل التطوعي أحد أوجه المواطنة الفاعلة
قال حكيم ذات يوم: "معنى أن تكون متطوعاً فأنت قنديل أمان يظنّك اليتيم أباه ويراكَ العجوز عكّازه ويطمئن عامل النظافة لأنك سنده"، تختزل العبارة السابقة أجمل ما قيل في العمل التطوعي والمتطوعين، وتسلّط الضوء في ذات الوقت على قيم إنسانية نبيلة مثل التضامن والتكافل والتآزر وغيرها، التي تعمل على تعزيز النسيج المجتمعي وتساعد في تعزيز الشعور بالانتماء والالتزام لدى المواطنين تجاه مجتمعهم على كافة الأصعدة.

لكن الأسئلة التي تطرح نفسها هنا؛ ما هو العمل التطوعي؟ ومتى كانت نشأته؟ وما هي فائدته سواء للمتطوع أو المجتمع الذي يعيش فيه؟ وما هو دور الشركات الكبرى في تدعيم هذه القيمة وترسيخها في أنفس موظفيها؟
ما هو العمل التطوعي؟
يُعرّف العمل التطوعي بأنه مجموعة من الأنشطة التي يقوم بها أشخاص متطوّعون يكرّسون أوقاتهم وطاقاتهم بدون إكراه وبإرادتهم الحرة الكاملة، لدعم قضية غير ربحية، تعود بالنفع والفائدة على المجتمع والصالح العام، دون تقاضي أية مبالغ مالية.

وفي العمل التطوعي الذي تتنوّع أنواعه وأشكاله لتشمل إلى جانب التطوع البدني، أو العيني أو حتى الفكري للمساهمة في خدمة الآخرين والمجتمع، لا توجد تعاقدات وظيفية أو مهنية، وفيها لا يحتاج المتطوع إلى خبرات معينة، فكل شخص يمكنه التطوّع بحسب قدراته وإمكانياته.
نشأة وتاريخ العمل التطوعي
يُعد العمل التطوعي واحد من الأعمال الفطرية التي جُبل الناس عليها، وعليه ترجع بداياته إلى نشأة الجنس البشري، حيث تمت ممارسته عبر العصور ومن خلال مجموعات من الناس، استشعرت أدوراها وواجباتها تجاه أقوامها ومجتمعاتها.
وقد طرحت الأمم المتحدة أواخر عام 1967 برنامج متطوعي الأمم المتحدة، الذي تبنّته الجمعية العمومية للأمم المتحدة في شهر كانون الأول من عام 1968، وفي عام 1970 تم تأسيس وكالة متطوعي الأمم المتحدة (UNV) تحت إدارة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بهدف دعم التنمية البشرية المستدامة من خلال تشجيع وحشد المتطوعين.

عربياً، شهد العمل التطوعي رواجاً خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين، حيث تصاعدت أعداد المنظمات العربية الأهلية المتخصصة في هذا المجال والتي تمارس أدواراً في العديد من المجالات التنموية غير الربحية كالاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
فوائد العمل التطوعي للموظفين
أظهرت نتائج دراسة أجرتها researchgate.net عن آثار عملية التطوّع على موظفي الشركات بأن الموظفين ينظرون إلى العمل التطوعي كوسيلة فعالة لتطوير أو تعزيز عدة أنواع من المهارات المتعلقة بالوظيفة. وأظهرت النتائج أيضاً أن التزام الموظفين من الشركات التي لديها برنامج تطوعي للشركات كان أعلى مقارنة بالموظفين الذي ليس لدى شركاتهم برنامج تطوعي للشركات.

وللعمل التطوعي تأثير كبير على صحة الشخص والتي بدورها تؤثر على أداءه في العمل، حيث يمكن للتطوع أن يقلل من مستويات التوتر، ويحسّن الحالة المزاجيّة، ويساعد الأفراد على البقاء نشيطين ويمنحهم إحساساً بوجود هدف لحياتهم. ووفقا لدراسة لـprojecthelping.org فإنّ 94٪ من الأشخاص الذين قاموا بالتطوع قالوا أنّ مزاجهم ونفسيتهم قد تحسّنت بعد عملية التطوع، و78% من المتطوعين قالوا بأن نسبة التوتر لديهم انخفضت بعد الخوض في عملية تطوعية، فيما أكّد 96% من المتطوعين أنهم شعروا بوجودهم ووجود مغزى لحياتهم بعد التطوع.
دور الشركات في تعزيز العمل التطوعي
تتبنى العديد من الشركات الكبرى العاملة في القطاع الخاص وفي مقدمتها شركة أمنية، استراتيجيات متميزة في المسؤولية المجتمعية، وتدعم في برامجها العمل التطوعي والمبادرات والمشاريع المنضوية تحته لما لها من تأثير طويل المدى وإيجابي في حياة الأفراد ومجتمعاتهم.
لم تكتفِ أمنية، بدعم هذا النوع من البرامج، وإنما عمدت لإطلاق "برنامج أمنية للعمل التطوعي" وهو برنامج مخصص لتطوع الموظفين وفريق أمنية للشباب، كواحد من أهم روافد "أمنية الخير"، المظّلة الرئيسية لبرامج المسؤولية الاجتماعية للشركة. ويهدف البرنامج إلى نشر وتعزيز ثقافة التطوع بين موظفي الشركة الأمر الذي من شأنه أن يقوم بصقل شخصيتهم وبالتالي يصبحوا أعضاء منتجين وفاعلين داخل مجتمعاتهم. كما يهدف البرنامج إلى تعزيز العمل بروح الفريق الذي يتميّز فيه موظفي أمنية، حيث يعتبر التطوع عملاً جماعيّاً يسعى الجميع إلى إنجاحه لما له من فوائد على المجتمع و الموظف نفسه.

وتهدف أمنية من خلال برامجها التطوعية المختلفة التي تعقدها من خلال شركاء استراتيجيين في عملية التطوّع، إلى المساهمة في تحقيق عدد من أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة وخصوصاً تلك المعنية بالقضاء على الفقر والجوع وتحسين الصحة والتعليم.
وتعكس هذه البرامج التطوعية والمبادرات المجتمعية التي تقودها أمنية بمشاركة وجهود موظفيها، تعكس التزام الشركة وإيمانها بدورها تجاه دعم مختلف فئات المجتمع، بالإضافة إلى توسيع وتعزيز قاعدة شركائها والتعاون مع المؤسسات الوطنية الأخرى للمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة والنهوض بالمجتمع الأردني.

وأثمرت جهود أمنية خلال السنوات الماضية لتصبح ضمن المراكز الثلاث الأولى على مستوى شركات القطاع الخاص في مجال العمل التطوعي. فخلال عامي 2019- 2020 قامت أمنية بإنجاز ما مجموعه 8750 ساعة تطوّع عبر شراكتها لمنصة "نَحْنُ"، المنصة الوطنية لتطوّع ومشاركة الشباب، حيث تم تحقيق هذه الساعات من خلال 312 متطوعاً من موظفيها ومن فريق أمنية الشباب، الأمر الذي يحسب إنجازاً لشركة أمنية ويضاف لسلسلة إنجازاتها غير المحدودة على صعيد دورها الرائد في مجال المسؤولية المجتمعية.