التداعيات الخمس الإيجابية لفيروس كورونا، هل تعلم ما هي؟

لا شك أن جائحة فيروس كورونا المستجد (Covid-19) كبّدت العالم برمّته خسائر كبيرة على مستوى الأرواح البشرية والأنظمة الصحية والاقتصاد والسياحة والملاحة وما إلى ذلك، إضافة إلى إغلاق المدارس والمؤسسات والمعابر الحيوية والإنخفاض الكبير في السفر. لكن رغم ذلك، يجدر بنا ألا نتجاهل التداعيات الإيجابية لفيروس كورونا. نستعرض فيما يلى هذه الإيجابيات متعددة الأوجه:

1. انخفاض نسبة التلوث في العالم

ساهمت الإجراءات التي فرضتها العديد من الدول حول العالم لمواجهة ومكافحة الفيروس المستجد، في تقييد حركة المواطنين وإجبارهم على الحجر المنزلي وعدم التجول إلا للضرورة.

إلا أن هذا الواقع انعكس إيجاباً على انخفاض نسبة الانبعاثات في الهواء وبالتالي نسبة التلوث في العالم. غدت الشوارع شبه فارغة من الحافلات والسماء شبه خالية من الطائرات. وفقاً للإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (NASA) ووكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، شهد العالم انخفاضاً ملحوظاً في كمية ثاني أكسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكربون والسبب المرجّح لذلك هو التباطؤ الاقتصادي بعد تفشي فيروس كورونا والتزام الناس منازلهم.

انخفاض نسبة التلوث في العالم

على صعيد آخر، تبلورت نتائج التدابير للحد من انتشار فيروس كورونا على انخفاض التلوث في الأنهر والبحار التي أصبحت مياهها أكثر نقاءً بعد انخفاض حركة الملاحة البحرية. و كأن ما حصل هو نداء من الطبيعة للشفاء من آثار العالم المتجدّد.

2. تعزيز مفهوم العمل من المنزل (Working from Home)

لقد فرض انتشار فيروس كورونا واقع العمل من المنزل بعد أن اختارت الكثير من المؤسسات تخفيف أو وقف تواجد الموظفين في مراكزها ومتابعة العمل عن بعد. اقتضى ذلك اللجوء إلى مختلف حلول التكنولوجيا (technology solutions) والاتصالات (telecommunication) لإجراء اللقاءات وعقد الاجتماعات وإنجاز كافة المهام عن بعد، والتخفيف من إضاعة الوقت في التنقل بين الاجتماعات. كما وأعطى هذا الواقع فرصة للشركات لتغيير وتحديث طرق عملها بحيث تكون أكثر مرونة وتراعي موظفيها وعملائها على حدٍ سواء.

 لقد استثمرت هذه التغيرات أيضاً للتواصل مع الزبائن وإنجاز الخدمات افتراضياً (virtually) بعيداً عن اللقاء المباشر. لربما واقع العمل من المنزل هذا يستمر حتى ما بعد انتهاء جائحة فيروس كورونا، ولو جزئياً.

3. تعزيز ابتكارات التكنولوجيا لمواجهة الجائحة

 عزّز تفشي فيروس كورونا المستجّد أهمية الابتكار (innovation) والتكنولوجيا في التعامل مع حالات الطوارئ في الصحة العامة (Public Health) واحتواء انتشار الأمراض. لقد ساهم التطور الكبير في عالم التكنولوجيا الرقمية والاتصال على رصد انتشار الفيروس والإصابات وتوزيعها الجغرافي، إضافة إلى حدتها وتفاصيلها. كما وساهمت العولمة (Globalization) وتطور منابر التواصل الاجتماعي والإنترنت والإعلام في الوصول إلى كل منزل في أقصى رقاع الأرض وتزويده بمستجدات الجائحة وسبل مختلفة للوقاية والعلاج.

تعزيز ابتكارات التكنولوجيا لمواجهة الجائحة

على صعيد آخر، عزّزت بعض الشركات استخدام الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) لرصد أكثر من 100 ألف مقالاً صحياً عن فيروس كورونا المستجد على صفحات الإنترنت في 65 لغة مختلفة يومياً للحصول على المعلومات لتحديث أخبار الفيروس على صفحاتها على شبكة الإنترت قبل تحديثها على صفحات مركز مكافحة الأمراض والوقاية (CDC) ومنظمة الصحة العالمية (WHO). كما واستطاعت العديد من التطبيقات الصحية (Health applications) الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لفحص الأشخاص الذين يعانون من الحمى والسعال وإبلاغهم ما إذا كان ينبغي تقييمهم للكشف عن الإصابة بالفيروس.

TeleHealth  أو ما يعرف بالخدمات الصحية عن بعد، أصبحت أكثر شيوعاً واستعمالاً في العديد من المؤسسات الصحية التي لجأت إلى تكنولوجيا أنظمة المعلوماتية الصحية (Health Information Systems) لتأمين تواصل المرضى مع الجهاز الطبي وتقديم المعاينات الطبية عن بعد وذلك لتخفيف قدوم أعداد كبيرة من الناس إلى المستشفى إلا في حالة الضرورة للحد من اختلاط الناس والفريق الطبي وغير الطبي.

4. نمو وازدهار يطال بعض القطاعات

رغم التداعيات السلبية للوباء على كم كبير جداً من القطاعات، الأمر الذي أدّى إلى تباطئ الاقتصاد والنمو في معظم الدول، شهدت بعض القطاعات ازدهاراً ونمواً ملحوظاً. على سبيل المثال، ازداد الضغط الكبير على  معدات الحماية الشخصية (Personal Protective Equipment) ومواد التعقيم والمعدات الطبية اللازمة للعناية بالمرضى مثل أجهزة التنفّس وغيرها. هذا ما زاد الإنتاج في الشركات المُصنعة وشجّع العديد من الدول والشركات الصغيرة على ابتكار طرق لإنتاج المواد والمعدات اللازمة لمكافحة الوباء على الصعيد المحلي بعد أن صعب تأمين هذه المستلزمات من الخارج لأسباب كثيرة.

على نطاق آخر، كثرت الأبحاث وتظافرت الجهود العلمية لإيجاد العلاجات واللقاحات للفيروس التي ينتظرها العالم أجمع. أيضاً، فلقد شهد قطاع "التوصيل" تطوراً ملحوظاً كون المواطنين لا يستطيعون الخروج، وهذا الواقع دفع بالعديد من المطاعم إلى ابتكار طرق لتأميم طلبات الناس بأقل قدر ممكن من الاحتكاك.

وأخيراً لا يمكن أن ننسى أن التسوق عبر الإنترنت بات أكثر شيوعاً بحيث زاد إقبال المواطنين عليه.

5. التضامن الأُسري والعودة إلى الذات

مع استمرار الحجر المنزلي وتغيير روتين وزحمة الحياة المهنية والاجتماعية، هدأت روعة الناس عن مشاغلهم وتحوّلت اهتماماتهم إلى تأمين أساسيات العيش والاستمرار والبقاء في مأمن من الاصابة بالفيروس. ساعدت جائحة كورونا إلى عودة الناس إلى ذاتهم وكشفت عن ما هو جيد في أنفسهم كما وأحيت القيم الإيجابية حيث باتوا يظهرون التعاطف مع الآخرين.

من نتائج الحجر المنزلي أيضاً تعزيز التضامن الأُسري وقضاء الوقت الثمين مع العائلة والأطفال. اجتمعت العائلة تحت سقف واحد أياماً طويلة وتشاركت الأحاديث والنشاطات وحتى المخاوف. بالإضافة إلى ذلك، ورغم البعد الاجتماعي، ازداد التواصل بين الناس إذ تسنى الوقت لذلك وأصبح متاحاً مع وسائل التواصل الاجتماعي التي تجمع الناس من مختلف أنحاء العالم في آن.

رغم التداعيات المُوجعة التي خلفتها جائحة فيروس كورونا المستجد، لا بد من لحظ الناحية الإيجابية له، لكن الأهم من ذلك تعزيز هذه الإيجابيات وتطويرها بعد الانتهاء من هذه الجائحة بسلام إن شاء الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *