البحث والتطوير في القطاع الطبي تحت المجهر

بقلم د. خالد خريسات- مؤسس ومدير عام شركة منصة دمج الأكاديميا بالصناعة

عاد الحديث عن البحث والتطوير في القطاع الصناعي الطبي إلى الواجهة في أعقاب جائحة كوفيد-19 حيث تمثلت أولويات الدول في بدايات اندلاع الجائحة في سد احتياجاتها من العقاقير والمستلزمات الطبية، الأمر الذي وضع الدول أمام تحديات تتمثل الاستجابة المثالية لها في استدامة الجهود المنصبّة نحو البحث والتطوير في القطاع الطبي.

ومع بدء السباق بين شركات الأدوية لتطوير لقاح لمكافحة وباء كورونا طفت على السطح الآراء الداعية إلى ضرورة تضافر الجهود في هذا الإطار، من خلال الدعم الحكومي المترافق مع دور محوري للجامعات في البحث العلمي التطبيقي الذي يعد ركيزة في دعم البحث والتطوير في القطاع الطبي في عدد من الصروح العلمية الدولية مثل جامعة أكسفورد .

في الأردن يحظى البحث العلمي برعاية واهتمام ملكيين حيث شدد جلالة الملك عبد الله الثاني في أكثر مناسبة على ضرورة دعم البحث والتطوير في القطاع الطبي من خلال تعاون مع الجامعات، كما صدرت عن صندوق دعم البحث العلمي الأولويات الوطنية للبحث العلمي خلال السنوات من 2011-2021.

فكيف يبدو واقع البحث العلمي في الأردن؟ وما هي الخطوات التي يتعين على القطاعات المختلفة اتخاذها لتطوير الجهود في هذا المجال؟ وما هي الحلول المبتكرة التي ستسهم في تسريع وتيرة عملية تطوير البحث العلمي؟

البحث والتطوير في القطاع الطبي تحت المجهر
نظرة على واقع البحث العلمي والتطوير في الأردن

بحسب القانون فإن 5% من ميزانية الجامعات يجب أن يتم تخصيصها للبحث العلمي والتطوير كحد أدنى، وهي نسبة جيدة جداً بالنظر إلى المعطيات المتمثلة في ميزانية الجامعات الأردنية الحكومية والخاصة والتي قد تتجاوز مئات الملايين سنوياً ما يعني بأن الرقم الافتراضي للاستثمار في البحث العلمي قد يصل إلى أكثر من عشرة ملايين سنوياً.

وفيما يتعلق بالغرض من الأبحاث العلمية، فتتمحور أهداف الباحثين بصورة رئيسية حول الأبحاث النظرية لغايات الترقية والحصول على الدرجات الأكاديمية.

وفي الوقت الذي تتطلب فيه الأبحاث التطبيقية في القطاع الطبي والأدوية استثمارات وتقنيات متعددة، تحجم القطاعات الصناعة المحلية عن تمويل مثل هذه الأنشطة البحثية ما يشكل تحدياً كبيراً يضاف له افتقار المختبرات الجامعية إلى الاعتمادية في أنظمة الجودة والتي تعد ضرورية لاعتماد النتائج على المستوى العالمي والبناء عليها.

بناء على ما سبق؛ فإن قطاع الصناعات الطبية بما في ذلك المعدات الطبية والأدوية يفتقر إلى الحد الأدنى من المقومات اللازمة للبحث والتطوير حيث تشكل قلة الموارد المالية عائقاً لانعدام البحث والتطوير في معظم الصناعات المحلية وبالتالي تصدير هذه المنتجات والأدوية والتي تعتمد بصورة رئيسية على المنتجات الجنيسة (المكافئة أو البديلة) والتي لا تحتاج إلى التطوير.

وفي ظل التطور التكنولوجي المتسارع في مجال الأبحاث الطبية والدوائية تبرز الحاجة إلى البدء في اتخاذ الخطوات اللازمة في مجال البحث والتطوير في القطاع الطبي فما هي الخطوات التي يمكن أن تساعدنا على ذلك؟

البحث والتطوير في القطاع الطبي تحت المجهر
تضافر الجهود كلمة السر لتطوير البحث في القطاع الطبي

على الرغم من تعدد الجهات الرسمية التي ترعى أنشطة البحث العلمي في الأردن على رأسها صندوق البحث العلمي التابع لوزارة التعليم العالي، إلا أن التحدي الأساسي يتمثل في القوانين والمتطلبات التي تحكم القطاع الطبي محلياً وعالمياً والتي لا تسمح بتداول أي منتج دون بحث تطبيقي شامل للحصول على إجازة تداول بعد تقديم قائمة طويلة من المتطلبات والدراسات والوثائق، الأمر الذي يتطلب بدوره استثمارات مالية ووجود جهات تذلل العقبات لإخراج هذه الأبحاث إلى النور.

في هذا الإطار، يشكل تضافر الجهود بين القطاعات الصناعية والأكاديمية والحكومية كلمة السر لتذليل هذه المعوقات والتحديات من خلال جسر الهوة بينها، ووضع أطر واضحة للتعاون بين جميع الأطراف، فعلى الصعيد العالمي على سبيل المثال يأخذ القطاع الخاص على عاتقه مسؤولية القيادة والاستثمار في مجال البحث والتطوير.

نماذج من دور القطاع الخاص في مجال البحث العلمي

كما تقدم يمكن أن يلعب القطاع الخاص دوراً محورياً في الجهود المتوجهة نحو البحث العلمي والتطوير حيث قدمت عدد من الشركات نماذج يحتذى بها في هذا المجال.

تعتبر منصة دمج الأكاديميا بالصناعة التي ظهرت إلى النور عام 2019 الأولى من نوعها في المنطقة في مجال دمج وتعزيز الشراكة بين القطاعين الصناعي والأكاديمي من خلال إيجاد حلول مبتكرة وخارطة طريق تتضمن المخرجات المتوقعة من هذه الشراكات وأثرها على واقع البحث العلمي والتطوير.

البحث والتطوير في القطاع الطبي تحت المجهر

وتدير المنصة، التي تعد واحدة من أبرز الشركات الناشئة التي تعاملت بنجاح مع تحديات جائحة كوفيد-19، عدداً من المشاريع داخل وخارج الأردن والتي ستسهم بصورة فاعلة في تسويق مخرجات الأبحاث العلمية في الجامعات الأردنية على المدى القصير والطويل حيث استقت المنصة من خبرتها خلال جائحة كورونا لإيجاد حلول فنية للعديد من المصانع العاملة في صناعة المستلزمات الطبية.

بطاقات أمنية الالكترونية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *