الأصدقاء… الوصفة السحرية لصحة أفضل
تعددت الطرق والوصفات التي تَعِد الإنسان بصحة أفضل، إلاّ أنّ لا شيء يضاهي تأثير الصداقات الوطيدة على صحة الإنسان العقلية والنفسية والجسدية والروحية. للصداقات تأثير كبير على الإنسان إذ تساعد على تعزيز صحته وسعادته، فالصحة الجيّدة، وفق تعريف منظمة الصحة العالميّة، ليست مجرد غياب المرض، بل الرفاه البدني والعقلي والاجتماعي الكامل.
إنطلاقا من ذلك، نعي أهميّة الصحة الاجتماعية وتأثيراتها على الصحة بشكل عام. فالإنسان كائن اجتماعي خُلق ليعيش ويتواصل مع المجتمع بهدف تأمين حاجاته ومتطلباته المختلفة، فيبني الصداقات ويعتمد على المقربين منهم لمشاركة أفراحه وأحزانه. بمناسبة يوم الصداقة العالمي الذي يصادف في 30 تموز، نتناول سوياً أهمية الصداقات وتأثيرها على صحة الإنسان.

ما هي فوائد الصداقة؟
للأصدقاء الجيّدين تأثير إجابي على الصحّة إذ يمكنهم مساعدتك في الاحتفال بالأوقات الجيّدة كما وتقديم الدعم في الأوقات الصعبة والسيّئة. وجود الأصدقاء يجنّبك الشعور بالوحدة والعزلة ويمنحك الرفقة اللازمة لتمضية الأوقات بشكل أو بآخر.
لا شك أن للصداقة والأصدقاء الكثير من المنافع نذكر منها التالي:
• الشعور بالانتماء.
• الشعور بالسعادة والتخفيف من التوتر.
• تعزيز الثقة بالنفس وتقدير الذات.
• المساعدة على التعامل ومواجهة الصدمات والتحديات الشخصية والمهنية مثل مشاكل العلاقات الخاصة أو المرض الخطير أو فقدان الوظيفة أو وفاة شخص عزيز وما إلى ذلك.
• التشجيع على التغيير أو تجنّب أنماط الحياة غير الصحيّة، مثل الإفراط في الشرب أو عدم ممارسة الرياضة.
يلعب الأصدقاء دوراً مهماً في تعزيز صحتك العامّة. فإنّ الأشخاص الذين يتمتعون بدعم اجتماعي قوي، هم أقل عرضة لخطر المعاناة من الكثير من المشكلات الصحية، بما في ذلك الاكتئاب وارتفاع ضغط الدم والبدانة. وجدت الدراسات أن كبار السن الذين لديهم حياة اجتماعية غنيّة يتوقع أن يعيشوا لفترة أطول من أقرانهم الذين لديهم حياة اجتماعية أقل.
ما هو عدد الأصدقاء الصحّي؟
عندما نطرح هذا السؤال لا طالما نفكّر بأهمية النوعيّة على الكميّة. في حين أنّه من الجيّد تنمية شبكة متنوعة من الأصدقاء والمعارف، إلا أنّنا بحاجة ماسّة للرعاية من بعض الأصدقاء المقربين الذين نجدهم بجانبنا خلال السّراء والضرّاء.
كيف نبني الصداقات وما هي بعض الطرق لمقابلة أشخاص جدد؟
يمكن التلاقي بأشخاص قد يصبحون أصدقاء العمر في مناسبات وأوقات مختلفة. من المحتمل أن يكون هؤلاء الأشخاص ضمن شبكتنا الاجتماعية أو يمكن أن يكونوا مثلاً أصدقاء الدراسة أو زملاء العمل أو حتى أقارب أو أصدقاء الأقارب والأصدقاء.
تختلف أطباع وشخصيّات الناس من ناحية التعاطي مع الغير أو حتى أخذ المبادرات. فهناك من هم منفتحون يجدون سهولة كبيرة في التواصل مع الآخرين وهناك من هم أقل انفتاحاً وأكثر خجلاً وانطواءً وحتى تحَفّظاً، فيجدون صعوبة في الانفتاح على الناس وبناء العلاقات معهم.
لذلك، وبهدف لقاء أشخاص قد يصبحون أصدقاء جدد يمكن اعتماد التوصيات التالية:
• المشاركة في المناسبات والأحداث الاجتماعية من خلال الانضمام إلى الأندية والمجموعات والاطلاع على الأحداث والمشاركة فيها.
• التطوّع بالوقت أو المواهب، إذا وجدت، للمراكز الاجتماعية والمؤسسات الخيرية والمجتمعية وغيرها. يساهم ذلك في تكوين روابط قوية خاصة عندما تعمل مع أشخاص لديهم مصالح وأهداف واهتمامات مماثلة.
• قبول ومبادلة الدعوات للانضمام إلى أصدقاء لتناول القهوة أو الغداء أو إلى لقاءات اجتماعية.
• متابعة النشاطات الأكاديمية والترفيهية والرياضية حيث يمكن مقابلة الأشخاص الذين لديهم اهتمامات مماثلة. يمكن مثلاً الانضمام إلى النوادي الرياضية أو إلى أي معهد أو مركز للمشاركة في بعض الدورات التدريبية.
• الانضمام إلى المجموعات الدينية أو المنظمات والمشاركة في الأنشطة الخاصة والأحداث والتعرّف على الأعضاء الجدد.
• التنزّه في محيط المنزل والحدائق العامة مع الأطفال أو حتى الحيوانات الأليفة. من المحتمل أن تكون هذه فرصة للتواصل والدردشة مع الجيران.

ما هو تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصداقات؟
قد يساعد الانضمام إلى مجموعات الدردشة أو منصّات التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت في إنشاء العلاقات أو الحفاظ عليها وتخفيف الشعور بالوحدة. ولكن ومع ذلك، إن استخدام مواقع الشبكات الاجتماعية قد لا ينتج شبكة أكبر من الأصدقاء الحقيقيين خارج شبكة الإنترنت. فيجب توخّي الحذر عند مشاركة المعلومات الشخصيّة أو تنظيم نشاط مع أشخاص تعرفت عليهم فقط عبر الإنترنت.

كيف يمكن المحافظة على الصداقات؟
يتطلب تكوين والمحافظة على الصداقات الصحيّة المرونة في التعاطي والتصرّف. قد تكون في بعض الأحيان أنت من تقدّم الدعم وفي أحيان أخرى تتلقاه. من الطبيعي أن الشفافية في العلاقة وإخبار الأصدقاء باهتمامك بهم وتقديرك لهم أمر مهم في تقوية الروابط. فمن المهم أن تكون صديق جيد وأن تحيط نفسك بأصدقاء جيدين.
ولكن كيف يمكن أن تترجم ذلك؟ إليكم بعض النصائح والتوصيات من الخبراء في العلوم الإنسانية:
1. التحلي بالطيبة:
هذا السلوك الأساسي، الذي نربى عليه خلال الطفولة، لا يزال جوهر العلاقات الناجحة بين البالغين. فلنفَكر في الصداقة كحساب مصرفي عاطفي. كل فعل طيب وكل تعبير عن الامتنان يودع في هذا الحساب، في حين أن النقد والسلبية يستنزفان هذا الحساب.
2. السؤال والإصغاء:
من المهم الاهتمام والسؤال عما يحدث في حياة أصدقائك. كما يجب الإصغاء والإنصات لما هو مهم بالنسبة. التعاطف أمر مهم أيضاً حين يشارك الأصدقاء تفاصيل الأوقات العصيبة أو التجارب الصعبة، لكن لا يجدر تقديم النصيحة إلا إذا طلب أصدقاؤك ذلك.
3. الانفتاح مع الأصدقاء:
من المهم مشاركة تجربتك واهتماماتك الشخصية ما يجعل أصدقاءك يشعرون أنهم يحتلون مكاناً خاصاً في حياتك وبالتالي يعزّز من عمق العلاقة.
4. إثبات أنفسك كموضع ثقة:
من المهم جداً أن تكون موضع مسؤولية وثقة.
5. تخصيص وقت للأصدقاء:
يستغرق بناء صداقة وثيقة وقتاً طويلاً، لذلك يجب أن تبذل جهداً للقاء الأصدقاء بانتظام وإعطائهم الوقت الكافي كما والتواصل معهم بين اللقاءات.
مهما كانت الظروف، لا يفوت الأوان أبداً لبناء صداقات جديدة أو إعادة التواصل مع الأصدقاء القدامى. إن استثمار الوقت في تكوين وتعزيز الصداقات يمكن أن تنتج ثماره صحة أفضل ونظرة أكثر إشراقاً لسنوات قادمة.